للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (لأَنَّ ثوابَه لها): بيانٌ لِمَا يعود إلى نفس المنفق من إنفاقه؛ وهو ثوابُ ما أَنفقه؛ فصار حظُّ المنفقِ مما أَنفقه أَعظمُ من حظِّ المنفقِ عليه.

وقولُه: (أَي: ثوابَه لا غيره من أَعراض الدنيا): هذا صريحٌ في تفسيرِ الوجهِ بالثوابِ، وهو تأويلٌ بل تحريفٌ؛ لأنَّه صرفٌ للكلامِ عن ظاهرِه بغيرِ دليلٍ، وإنَّما يفعلُ هذا من لا يثبتُ حقيقةَ الوجهِ للهِ كما هي طريقةُ المعطِّلةِ من الجهميَّةِ ومَن تبعَهم (١).

وأهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ يثبتون الوجهَ للهِ ولا يكيِّفونَ ولا يمثِّلونَ ولا يحرِّفونَ النصوصَ عن ظاهرِها.

والمؤلِّفُ رحمه الله مشى على طريقةِ المعطِّلةِ فلذا أوَّلَ الآيةَ وصرفَها عن ظاهرها حيثُ فسَّرَ الوجهَ بالثوابِ، فتنَبَّهْ أيُّها القارئُ، واسلكْ طريقَ أهلِ السُّنَّةِ.

وقولُه: (خبرٌ بمعنى النهي): يريدُ جملةَ {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}؛ فالجملةُ خبريَّةٌ، ومعناهُ: لا تنفقوا إلَّا ابتغاءَ وجهِ اللهِ وهذا على أَنَّ الخطابَ عامٌّ، وقيل: أَنَّ الخطابَ خاصٌّ؛ وهم الصحابة، وعليه: فالنفيُ على بابه، ويكون الخبرُ ثناءً على الصحابة بالإخلاص، وهذا وجهٌ حسنٌ (٢).

وقولُه: (جزاؤه): هذا تقديرُ مفعول {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}.

وقولُه: (تُنقَصونَ منه شيئًا): فسَّرَ الظلمَ بالنقص، وأَصلُ معنى الظلمِ: وضعُ الشيءِ في غير موضعه، ويأتي بمعنى النقصِ؛ كما قال تعالى في الجنتين: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: ٣٣] (٣).


(١) ينظر: «النقض على المريسي» (٢/ ٧٠٣ - ٧٢٤)، و «مختصر الصواعق» (٣/ ٩٩٢) وما بعدها، و «توضيح مقاصد العقيدة الواسطية» لشيخنا (ص ٨١)، (ص ٨٢ - ٨٣)، و «التعليقات على المخالفات العقدية في الفتح» (ص ٧٨، رقم ٤٩)، (ص ١٦٠، رقم ١١٤)، (ص ١٧٨، رقم ١٢٧).
(٢) ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٣٥٥)، و «الكشاف» (١/ ٥٠٢)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٨٦)، و «البحر المحيط» (٢/ ٦٩٥).
(٣) ينظر: أوجه أخرى في: «الوجوه والنظائر» لمقاتل (ص ٨١ - ٨٢)، و «نزهة الأعين النواظر» لابن الجوزي (ص ٤٢٦ - ٤٢٨).

<<  <   >  >>