للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لله، والتسبيحُ: هو التنزيه عن النقائص والعيوب (١)، والحمدُ: هو الثناء بصفات الكمال (٢).

وقولُه: (نُنَزِّهكَ عما لا يليقُ بكَ … ) إلى آخره: فسَّر التقديسَ بالتنزيه، وهذا معنى مَنْ فسَّره بالتطهير، فيصير معنى نقدِّسُكَ هو معنى نسبِّحُك، وقد ذُكر التسبيح قبل فلا بدَّ من الفرق إذن بين التسبيح والتقديس، وقد ذُكِرا معًا، والأَولى تفسير التقديس بالتنزيه والتعظيم (٣)؛ ليظهرَ وجهُ الجمع بينهما.

وقولُه: (اللام زائدةٌ): يريد اللام الداخلةَ على ضمير المخاطَب، وهو: «الكاف» في قوله: {نُقَدِّسُ لكَ}.

وقولُه: (والجملة حالٌ): يريد أنَّ الجملةَ الاسمية التي بعد الواو حال.

وقولُه: (مِنْ المصلحة في استخلافِ آدمَ … ) إلى آخره: في هذا ردٌّ على الملائكة في تفضيلِهم أنفسَهم على الخليفة الذي يكون من ذريته مَنْ يُفسد ويَسفك الدماء، وذلك لقولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}، وأنهم لذلك أولى بالاستخلاف، ومما يعلمه - تعالى - مِنْ أمر الخليفة ما يكون من ذريته من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وما يكون من الابتلاء الذي يحصل به من الأعمال التي هي أحبُّ إلى الله من أعمالِ الملائكة؛ كالتوبة من الذنوب، والجهاد في سبيل الله، وبذلِ الأنفس والأموال في ذلك مما جعل الله ثمنَهُ الجنة: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} الآية [التوبة: ١١١]، فخلقَ اللهُ آدمَ ليجعلَه الخليفة في الأرض للحِكَمِ التي يعلمها، ثم أظهر - سبحانه - فضلَ آدم على الملائكة بالعلم كما في الآيات التي بعد هذه الآية.


(١) ينظر: «لسان العرب» (٢/ ٤٧١).
(٢) ينظر: «بدائع الفوائد» (٢/ ٤٣٦)، و «الوابل الصيب» (ص ٢١٩).
(٣) جاء عن أبي صالح: {وَنُقَدِّسُ لكَ}: نعظمك ونمجدك، وعن مجاهد نحوه. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٥٠٥ - ٥٠٦).

<<  <   >  >>