عربي سواء أحسن القراءة بالعربية أم لم يحسن. ثم قال: فإن لم يحسن القراءة بالعربية لزمه التعلم فإن لم يفعل مع القدرة عليه لم تصح صلاته».
[مذهب الحنفية:]
اختلفت نقول الحنفية في هذا المقام، واضطرب النقل بنوع خاص عن الإمام ونحن نختصر لك الطريق بإيراد كلمة فيها تلخيص للموضوع، وتوفيق بين النقول، اقتطفناها من مجلة الأزهر بقلم عالم كبير من علماء الأحناف؛ إذ جاء فيها باختصار وتصرف ما يلي:
أجمع الأئمة على أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية خارج الصلاة، ويمنع فاعل ذلك أشد المنع؛ لأن قراءته بغيرها من قبيل التصرف في قراءة القرآن بما يخرجه عن إعجازه، بل بما يوجب الركاكة.
وأما القراءة في الصلاة بغير العربية فتحرم إجماعا للمعنى المتقدم لكن لو فرض وقرأ المصلي بغير العربية، أتصح صلاته أم تفسد؟.
ذكر الحنفية في كتبهم أن الإمام أبا حنيفة كان يقول: أولا: إذا قرأ المصلي بغير العربية مع قدرته عليها اكتفى بتلك القراءة، ثم رجع عن ذلك وقال: متى كان قادرا على العربية ففرض قراءة النظم العربي، ولو قرأ بغيرها فسدت صلاته لخلوها من القراءة مع قدرته عليها، والإتيان بما هو من جنس كلام الناس حيث لم يكن المقروء قرآنا.
ورواية رجوع الإمام هذه تعزى إلى أقطاب في المذاهب منهم نوح بن مريم، وهو من أصحاب أبي حنيفة. ومنهم علي بن الجعد، وهو من أصحاب أبي يوسف، ومنهم أبو بكر الرازي، وهو شيخ علماء الحنفية في عصره بالقرن الرابع.
ولا يخفى أن المجتهد إذا رجع عن قوله، لا يعد ذلك المرجوع عنه قولا له؛ لأنه لم يرجع عنه إلا بعد أن ظهر له أنه ليس بصواب، وحينئذ لا يكون في مذهب الحنفية قول بكفاية القراءة بغير العربية في الصلاة للقادر عليها، فلا يصح التمسك به، ولا النظر إليه.
أما العاجز عن قراءة القرآن بالعربية فهو كالأمي في أنه لا قراءة عليه. ولكن إذا فرض أنه خالف وأدى القرآن بلغة أخرى، فإن كان ما يؤديه قصة أو أمرا أو نهيا فسدت صلاته؛ لأنه متكلم بكلام وليس ذكرا. وإن كان ما يؤديه ذكرا أو تنزيها لا تفسد صلاته لأن الذكر بأي لسان لا يفسد الصلاة لا لأن القراءة بترجمة القرآن جائزة، فقد مضى القول بأن القراءة بالترجمة محظورة شرعا على كل حال. اه مع التصرف والاختصار.