[المسألة] الأولى: زعم زاعم أنه لا طائل تحت هذا الفن لجريانه مجرى التاريخ
وأخطأ في ذلك، بل له فوائد:
- منها: معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
- ومنها: تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
- ومنها: أن اللفظ قد يكون عامّا ويقوم الدليل على تخصيصه فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته فإن دخول صورة السبب قطعي وإخراجها بالاجتهاد ممنوع كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في التقريب ولا التفات إلى من شذّ فجوّز ذلك.
- ومنها: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال. قال الواحدي: لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.
(وقد أشكل) على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا [سورة آل عمران آية: ١٨٨]. وقال: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون، حتى بيّن له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلّى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه» [أخرجه الشيخان].
وحكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معدي كرب أنهما كانا يقولان: الخمر مباحة، ويحتجان بقوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا [سورة المائدة آية: ٩٣]، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك وهو: أن ناسا قالوا لما حرمت الخمر: كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت؟!. [أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما].
ومن ذلك قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ