أما المترجم ترجمة تفسيرية، فإنه يعمد إلى المعنى الذي يدل عليه تركيب الأصل فيفهمه، ثم يصبه في قالب يؤديه من اللغة الأخرى، موافقا لمراد صاحب الأصل، من غير أن يكلف نفسه عناء الوقوف عند كل مفرد ولا استبدال غيره به في موضعه.
[ما لا بد منه في الترجمة مطلقا:]
ولا بد لتحقيق معنى الترجمة مطلقا حرفية كانت أو تفسيرية، من أمور أربعة:
أولها- معرفة المترجم لأوضاع اللغتين لغة الأصل ولغة الترجمة.
ثانيها- معرفته لأساليبهما وخصائصهما.
ثالثها- وفاء الترجمة بجميع معاني الأصل ومقاصده على وجه مطمئن.
رابعها- أن تكون صيغة الترجمة مستقلة عن الأصل، بحيث يمكن أن يستغنى بها عنه، وأن تحل محله، كأنه لا أصل هناك ولا فرع، وسيأتي بيان ذلك في الفروق بين الترجمة والتفسير.
[ما لا بد منه في الترجمة الحرفية:]
ثم إن الترجمة الحرفية تتوقف بعد هذه الأربعة على أمرين آخرين:
أحدهما: وجود مفردات في لغة الترجمة مساوية للمفردات التي تألف منها الأصل حتى يمكن أن يحل كل مفرد من الترجمة محل نظيره من الأصل. كما هو ملحوظ في معنى الترجمة الحرفية.
ثانيهما: تشابه اللغتين في الضمائر المستترة والروابط التي تربط المفردات لتأليف التراكيب، سواء في هذا التشابه ذوات الروابط وأمكنتها، وإنما اشترطنا هذا التشابه؛ لأن محاكاة هذه الترجمة لأصلها في ترتيبه تقتضيه، ثم إن هذين الشرطين عسيران، وثانيهما أعسر من الأول، فهيهات أن تجد في لغة الترجمة مفردات مساوية لجميع مفردات الأصل. ثم هيهات هيهات أن تظفر بالتشابه بين اللغتين المنقول منها والمنقول إليها في الضمائر المستترة وفي دوال الروابط بين المفردات لتأليف المركبات.
ومن أجل هذه العزة والندرة قال بعضهم: إن الترجمة الحرفية مستحيلة.
وقال آخرون: إنها ممكنة في بعض الكلام دون بعض، ولقد علمت أنها بعد هذه الصعوبات يكتنفها الغموض وخفاء المعنى المقصود.
أما الترجمة التفسيرية فميسورة فيما لا يعجز عنه البشر، وتكون المعاني المرادة من