[ألفاظ التعديل والجرح]
الألفاظ المستعملة من أهل هذا الشأن في الجرح والتعديل، قد رتبها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه في الجرح والتعديل، فأجاد وأحسن. ونحن نرتبها كذلك ونورد ما ذكره ونضيف إليه ما بلغنا في ذلك عن غيره إن شاء الله.
[أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب:]
الأولى: قال ابن أبي حاتم: «إذا قيل للواحد إنه (ثقة أو متقن) فهو ممن يحتجّ بحديثه».
قلت: وكذا إذا قيل: (ثبت أو حجة) وكذا إذا قيل في العدل: (إنه حافظ أو ضابط) والله أعلم.
الثانية: قال ابن أبي حاتم: «إذا قيل: إنه صدق، أو محله الصدق، أو لا بأس به؛ فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية».
قلت: هذا كما قال؛ لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه.
ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث فقال: «حدثنا أبو خلدة. فقيل له: أكان ثقة؟ فقال: كان صدوقا، وكان مأمونا، وكان خيرا- وفي رواية:
وكان خيارا، الثقة شعبة وسفيان»، ثم إن ذلك مخالف لما ورد عن أبي خيثمة قال: قلت ليحيى بن معين: إنك تقول: «فلان ليس به بأس»، وفلان «ضعيف» قال: إذا قلت لك:
«ليس به بأس» فهو ثقة، وإذا قلت لك: «هو ضعيف» فليس هو بثقة، لا تكتب حديثه.
الثالثة: قال ابن أبي حاتم: «إذا قيل: شيخ: فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية».
الرابعة: قال: إذا قيل: «صالح الحديث» فإنه يكتب حديثه للاعتبار.
قلت: وقد جاء عن أبي جعفر أحمد بن سنان قال: كان عبد الرحمن بن مهدي ربما جرى ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق فيقول: رجل صالح الحديث- والله أعلم.
وأما ألفاظهم في الجرح فهي- أيضا- على مراتب:
أولاها: قولهم «ليّن الحديث». قال ابن أبي حاتم: إذا أجابوا في الرجل «بليّن الحديث»؛ فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا.