هذا كلام القاضي المجمع على إمامته وجلالته، وفيه تقرير للمذهبين، ويستدل به على ترجيح مذهب المحدثين، فإن هذا الإمام قد نقل عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة، وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال في الشرع والعرف على وفق اللغة فوجب المصير إليه، والله أعلم.
وأما التابعي: ويقال فيه التابع: فهو من لقى الصحابي، وقيل: من صحبه كالخلاف في الصحابي، والاكتفاء هنا بمجرد اللقاء أولى؛ نظرا إلى مقتضى اللفظين.
وتعرف صحبة الصحابة تارة بالتواتر، وتارة بأخبار مستفيضة، وتارة بشهادة غيره من الصحابة له، وتارة بروايته عن النبي صلّى الله عليه وسلم سماعا، أو مشاهدة مع المعاصرة.
فأما إذا قال المعاصر العدل: «أنا صحابيّ»: فقد قال ابن الحاجب في مختصره:
احتمل الخلاف؛ يعني لأنه يخبر عن حكم شرعي، كما لو قال في الناسخ: «هذا ناسخ لهذا» لاحتمال خطئه في ذلك.
أما لو قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال كذا» أو «رأيته فعل كذا» أو «كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم» ونحو هذا-: فهذا مقبول لا محالة، إذا صح السند إليه، وهو ممن عاصره عليه الصلاة والسلام. اه.
[أمور تتعلق بالصحابة]
[١ - عدالتهم جميعا:]
للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق معدّلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتدّ به في الإجماع من الأمة.
قال الله تبارك وتعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [سورة آل عمران آية: ١١٠].
قيل: اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [سورة البقرة آية: ١٤٣]، وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ.
وقال سبحانه تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ [سورة الفتح آية: ٢٩].
وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة، منها: حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تسبوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم