[رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وروى الحاكم مثله مرفوعا وقال: صحيح الإسناد].
وجاء في حديث آخر عن أنس أنه قال:«أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن» وسنده ضعيف، غير أنه يتقوى بغيره ثم إن هذه خصيصة امتاز بها القرآن الكريم، أما غيره فلا أجر على مجرد تلاوته، بل لا بد من التفكر فيه وتدبره، حتى الصلاة التي هي عماد الدين ليس للمرء من ثوابها إلا بمقدار ما عقل منها.
[حكم ترجمة القرآن تفصيلا]
[١ - ترجمة القرآن بمعنى تبليغ ألفاظه:]
تطلق ترجمة القرآن إطلاقا مستندا إلى اللغة ويراد بها: تبليغ ألفاظه ونقلها إلى الغير، وحكمها حينئذ أنها جائزة شرعا، والمراد بالجواز هنا ما يقابل الحظر فيصدق بالوجوب وبالندب، وإن شئت دليلا فها هو صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن ويسمعه أولياءه وأعداءه.
ويدعو إلى الله به في مولده ومهاجره، وفي سفره وحضره، والأمة من ورائه نهجت نهجه، فبلّغت ألفاظ القرآن، وتلقاها بعضهم عن بعض فردا عن فرد، وجماعة عن جماعة، وجيلا عن جيل حتى وصل إلينا متواترا، ثم ها هو القرآن نفسه يتوعد كاتميه ويقول: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة آية: ١٥٩، ١٦٠].
والنبي صلّى الله عليه وسلم يقول:«بلّغوا عني ولو آية، وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»[رواه البخاري والترمذي وأحمد].
ويقول صلّى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه»[رواه الشيخان].
[٢ - ترجمة القرآن بمعنى تفسيره بلغته العربية:]
هذا هو الإطلاق الثاني المستند إلى اللغة- أيضا- كما مرّ، ويراد به تفسير القرآن بلغته العربية لا بلغة أخرى، وغني عن البيان أن حكمه الجواز بالمعنى الآنف، وإن كنت في شك فهاك القرآن نفسه يقول الله فيه لنبيه صلّى الله عليه وسلم: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [سورة النحل آية: ٤٤].
ولقد قام الرسول صلّى الله عليه وسلم ببيانه العربي خير قيام، حتى اعتبرت السنة النبوية كلها شارحة له، ونقل منها في التفسير بالمأثور شيء كثير.