والبزار، وغير ذلك من المسانيد والمعاجم والفوائد والأجزاء: ما يتمكن المتبحر في هذا الشأن من الحكم بصحة كثير منه، بعد النظر في حال رجاله وسلامته من التعليل المفسد. اه.
وقد جمع الحافظ الهيثمي (المتوفي سنة ٨٠٧ هـ) زوائد ستة كتب. وهي: مسند أحمد، وأبي يعلى، والبزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة: الكبير والأوسط والصغير على الكتب الستة، أي ما رواه هؤلاء الأئمة الأربعة في كتبهم زائدا على ما في الكتب الستة المعروفة، وهي: الصحيحان والسنن الأربعة. فكان كتابا حافلا نافعا سماه «مجمع الزوائد»، طبع بمصر سنة (١٣٥٢) في عشرة مجلدات كبار.
وتكلم فيه على إسناد كل حديث، مع نسبته إلى من رواه منهم، والمتتبع له يجد أن الصحيح منها كثير يزيد على النصف، وأن أكثر الصحيح هو ما رواه الإمام أحمد في مسنده.
ويجوز له الإقدام على ذلك، وإن لم ينص على صحته حافظ قبله، موافقة للشيخ أبي زكريا يحيى النووي، وخلافا للشيخ أبي عمرو بن الصلاح الذي ذهب إلى أنه قد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد، ومنع- بناء على هذا- من الجزم بصحة حديث لم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة. وبنى على قوله هذا: أن ما صححه الحاكم من الأحاديث ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحا ولا تضعيفا:
حكمنا بأنه حسن، إلا أن يظهر فيه علة توجب ضعفه، وقد رد العراقي وغيره قول ابن الصلاح هذا، وأجازوا لمن تمكن وقويت معرفته أن يحكم بالصحة أو بالضعف على الحديث، بعد الفحص عن إسناده وعلله وهو الصواب.
والذي أراه أن ابن الصلاح ذهب إلى ما ذهب إليه بناء على القول بمنع الاجتهاد بعد الأئمة، فكما حظروا الاجتهاد في الفقه أراد ابن الصلاح أن يمنع الاجتهاد في الحديث.
وهيهات فالقول بمنع الاجتهاد قول باطل، لا برهان عليه من كتاب ولا سنة ولا تجد له شبه دليل. اه. أحمد شاكر.
[موطأ مالك]
(تنبيه) قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله: لا أعلم كتابا في هذا العلم أكثر صوابا من كتاب مالك، إنما قاله قبل البخاري ومسلم. وقد كانت كتب كثيرة مصنفة في ذلك الوقت في السنن، لابن جريج، وابن إسحاق- غير السيرة- ولأبي قرّة موسى بن طارق الزبيدي، ومصنف عبد الرزاق بن همام، وغير ذلك.