وقد قال الحاكم في هذا العرض: أما فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحلال والحرام؛ فإنهم لم يروه سماعا، وبه قال الشافعي، والأوزاعي، والبويطي، والمزني، وأبو حنيفة، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وابن المبارك، ويحيى بن يحيى، وإسحاق ابن راهويه قال: وعليه عهدنا أئمتنا وإليه ذهبوا وإليه نذهب. والله أعلم.
[القسم الخامس من أقسام طرق نقل الحديث وتلقيه: المكاتبة:]
وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئا من حديثه بخطه أو يكتب له ذلك وهو حاضر.
ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه، وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين:
أحدهما: أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة.
والثاني: أن تقترن بالإجازة؛ بأن يكتب إليه ويقول:«أجزت لك ما كتبته لك، أو ما كتبت به إليك، أو نحو ذلك من عبارات الإجازة».
[القسم السادس من أقسام الأخذ ووجوه النقل: إعلام الراوي للطالب:]
بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه أو روايته من فلان، مقتصرا على ذلك من غير أن يقول:«اروه عني، أو أذنت لك في روايته» أو نحو ذلك، فهذا عند كثيرين طريق مجوز لرواية ذلك عنه ونقله. حكي ذلك عن ابن جريج وطوائف من المحدثين والفقهاء والأصوليين، والظاهريين، وبه قطع أبو نصر بن الصباغ من الشافعيين واختاره ونصره أبو العباس الوليد بن بكر الغمري المالكي في كتاب «الوجازة في تجويز الإجازة».
[القسم السابع من أقسام الأخذ والتحمل: الوصية بالكتب:]
بأن يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص. فروي عن بعض السلف رضي الله تعالى عنهم أنه جوز بذلك رواية الموصى له لذلك عن الموصي الراوي. وهذا بعيد جدّا وهو إما زلة عالم، أو متأوّل على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة التي يأتي شرحها إن شاء الله تعالى. وقد احتج بعضهم لذلك فشبهه بقسم الإعلام وقسم المناولة، ولا يصح ذلك؛ فإن لقول من جوّز الرواية بمجرد الإعلام والمناولة مستندا ذكرناه لا يتقرر مثله. ولا قريب منه هاهنا.
[القسم الثامن: الوجادة:]
وهي مصدر ل «وجد يجد» مولّد غير مسموع من العرب. روينا عن المعافى بن