واختيار موفق لأحسن القصص، وإخبار عن كثير من أنباء الغيب، وكشف عن معجزات كرّم الله بها رسوله وأمته، إلى غير ذلك مما من شأنه أن يسمو بالنفوس الإنسانية، ويملأ العالم حضارة صحيحة ومدنية.
ولقد دلتنا التجارب على أن كثيرا من هؤلاء الذين أحسوا جلال القرآن عن طريق تفسيره فكروا في حفظه واستظهاره ودراسة لغته وعلومه، ليرتشفوا بأنفسهم من منهله الرّويّ ويشبعوا نهمتهم من غذائه الهني، مادام هذا التفسير وغيره لا يحمل كل معاني الأصل، وما دام ثواب الله يجري على كل من نظر في الأصل أو تلا نفس ألفاظ الأصل.
[الفائدة الثانية: دفع الشبهات التي لفقها أعداء الإسلام وألصقوها بالقرآن وتفسيره]
كذبا وافتراء، ثم ضلّلوا بها هؤلاء المسلمين الذين لا يحذقون اللسان العربي في شكل ترجمات مزعومة للقرآن، أو مؤلفات علمية وتاريخية للطلاب، أو دوائر معارف للقراء، أو دروس ومحاضرات للجمهور، أو صحف ومجلات للعامة والخاصة.
[الفائدة الثالثة: تنوير غير المسلمين من الأجانب بحقائق الإسلام]
وتعاليمه خصوصا في هذا العصر القائم على الدعايات، وبين نيران هذه الحروف التي أوقدها أهل الملل والنحل الأخرى، حتى ضل الحق أو كاد يضل في سواد الباطل، وخفت صوت الإسلام أو كاد يخفت بين ضجيج غيره من المذاهب المتطرفة والأديان المنحرفة.
[الفائدة الرابعة: إزالة الحواجز والموانع التي أقامها الخبثاء الماكرون للحيلولة بين الإسلام وعشاق الحق من الأمم الأجنبية.]
وهذه الحواجز والموانع ترتكز في الغالب على أكاذيب افتروها تارة على الإسلام، وتارة أخرى على نبي الإسلام.
وكثيرا ما ينسبون هذه الأكاذيب إلى القرآن وتفاسيره، وإلى تاريخ الرسول صلّى الله عليه وسلم وسيرته، ثم يدسونها فيما يزعمونه ترجمات للقرآن، وفيما يقرأ الناس ويسمعون بالوسائل الأخرى. فإذا نحن ترجمنا تفسير القرآن أو فسّرنا القرآن بلغة أخرى مع العناية بشروط التفسير وشروط الترجمة، ومع العناية التامة بدفع الشبهات والأباطيل الرائجة فيهم عند كل مناسبة، تزلزلت بلا شك تلك القصور التي أقاموها من الخرافات والأباطيل وزالت العقبات من طريق طلاب الحق وعشاقه من كل قبيل.
وهاك كلمة يؤيدنا بها الكاتب الإنجليزي (بيرناردشو) إذ يقول: «لقد طبع رجال الكنيسة في القرون الوسطى دين الإسلام بطابع أسود حالك، إما جهلا وإما تعصبا، إنهم كانوا في الحقيقة مسوقين بعامل بغض محمد ودينه، فعندهم أن محمدا كان عدوّا للمسيح. ولقد درست سيرة محمد الرجل العجيب، وفي رأيي أنه بعيد جدّا من أن