قال النووي في مقدمته لشرح مسلم:«الصحيح ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة»، وقد سبق شرح ذلك للشوكاني بما لا يحتاج إلى مزيد.
وقال ابن كثير: حاصل حد الصحيح: أنه المتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إلى منتهاه، من صحابي أو من دونه، ولا يكون شاذّا ولا مردودا، ولا معللا بعلة قادحة، وقد يكون مشهورا، أو عزيزا، أو غريبا.
[المشهور:]
والشهرة أمر نسبي، فقد يشتهر عند أهل الحديث أو يتواتر ما ليس عند غيرهم بالكلية.
ثم قد يكون المشهور متواترا، أو مستفيضا، وهو ما زاد نقلته على ثلاثة.
وعن القاضي الماوردي: أن المستفيض أقوى من المتواتر، وهذا اصطلاح منه. وقد يكون المشهور صحيحا، كحديث:«الأعمال بالنيات» وحسنا.
وقد يشتهر بين الناس أحاديث لا أصل لها، أو هي موضوعة بالكلية، وهذا كثير جدّا، ومن نظر في كتاب الموضوعات لأبي الفرج ابن الجوزي عرف ذلك، وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال: أربعة أحاديث تدور بين الناس في الأسواق لا أصل لها: «من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة»، و «من آذى ذميّا فأنا خصمه يوم القيامة»، و «نحركم يوم صومكم»، و «للسائل حقّ وإن جاء على فرس»، والصواب أن الحديث الثاني والحديث الرابع رواهما أبو داود بإسنادين جيدين فهما قويان، وأما الحديثان الآخران فلا أصل لهما، ولذا قال العراقي: لا يصح هذا الكلام عن الإمام أحمد. اه من المقاصد الحسنة.
[الغريب والعزيز:]
أما الغرابة: فقد تكون في المتن، بأن يتفرد بروايته راو واحد، أو في بعضه، كما إذا زاد فيه واحد زيادة لم يقلها غيره، وقد تقدم الكلام في زيادة الثقة.
وقد تكون الغرابة في الإسناد، كما إذا كان أصل الحديث محفوظا من وجه آخر أو وجوه، لكنه بهذا الإسناد غريب.
فالغريب: ما تفرد به واحد، وقد يكون ثقة، وقد يكون ضعيفا، ولكل حكمه.
فإن اشترك اثنان أو ثلاثة في روايته عن الشيخ سمي «عزيزا»، فإن رواه عنه جماعة سمي «مشهورا» كما تقدم، والله أعلم.