واحد، أما النسخ فيمكن أن يعرض لهذا كما يعرض لغيره، ومن ذلك نسخ بعض الأحكام الخاصة به صلّى الله عليه وسلم.
رابعها: أن النسخ يبطل حجية المنسوخ إذا كان رافعا للحكم بالنسبة إلى جميع أفراد العام، ويبقى على شيء من حجيته إذا كان رافعا للحكم عن بعض أفراد العام دون بعض، أما التخصيص فلا يبطل حجية العام أبدا، بل العمل به قائم فيما بقي من أفراده بعد تخصيصه.
خامسها: أن النسخ لا يكون إلا بالكتاب والسنة بخلاف التخصيص فإنه يكون بهما وبغيرهما كدليل الحس والعقل مثل قول الله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [سورة المائدة آية: ٣٨]، فأنه قد خصصه قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا قطع إلا في ربع دينار».
ومثل قوله سبحانه: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها [سورة الأحقاف آية: ٢٥] فقد خصصه ما شهد به الحس من سلامة السماء والأرض وعدم تدمير الريح لهما.
ومثل قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة البقرة آية: ١٠٩]، قد خصصه ما حكم به العقل من استحالة تعلق القدرة الإلهية بالواجب والمستحيل العقليين.
سادسها: أن النسخ لا يكون إلا بدليل متراخ عن المنسوخ، أما التخصيص فيكون بالسابق واللاحق والمقارن، وقال قوم: لا يكون التخصيص إلا بمقارن، فلو تأخر عن وقت
العمل بالعام كان هذا المخصص ناسخا للعام بالنسبة لما تعارضا فيه، كما إذا قال الشارع «اقتلوا المشركين» وبعد وقت العمل به قال: «ولا تقتلوا أهل الذمة»، ووجهة نظر هؤلاء أن المقصود بالمخصص بيان المراد من العام، فلو تأخر وقت العمل به لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة، وذلك لا يجوز، فلم يبق إلا اعتباره ناسخا
سابعها: أن النسخ لا يقع في الأخبار بخلاف التخصيص فإنه يكون في الأخبار وفي غيرها.
[النسخ بين مثبتيه ومنكريه]
يذهب أهل الأديان مذاهب ثلاثة في النسخ:
أولها: أنه جائز عقلا وواقع سمعا، وعليه إجماع المسلمين من قبل أن يظهر أبو مسلم الأصفهاني ومن شايعه، وعليه أيضا إجماع النصارى، ولكن من قبل هذا العصر الذي خرقوا فيه إجماعهم، وركبوا فيه رؤوسهم، وهو كذلك رأي العيسوية، وهم طائفة من طوائف اليهود الثلاث.
ثانيها: أن النسخ ممتنع عقلا وسمعا وإليه جنح النصارى جميعا في هذا العصر، وتشيعوا له تشيعا ظهر في حملاتهم المتكررة على الإسلام، وفي طعنهم على هذا الدين القويم من