فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبرا بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته. اه.
[تنبيه:]
قد علمت مما ذكر أن فرض المسألة في لفظ له عموم، أما آية نزلت في معيّن ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا كقوله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى [سورة الليل آية: ١٧، ١٨] فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع، وقد استدل بها الإمام فخر الدين الرازي مع قوله: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [سورة الحجرات آية: ١٣] على أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووهّم من ظن أن الآية عامة في كل من عمل عمله إجراء له على القاعدة، وهذا غلط فإن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم إذ الألف واللام إنما تفيد العموم، إذا كانت موصولة أو معرّفة في جمع، زاد قوم أو «مفرد» بشرط أن لا يكون هناك عهد، واللام في الأتقى ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، والأتقى ليست جمعا بل هو مفرد والعهد موجود خصوصا مع ما تفيده صيغة أفعل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعيّن القطع بالخصوص والقصر على من نزلت فيه رضي الله عنه.
[المسألة الثالثة: قال الواحدي: لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل]
، أو وقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها، وقد قال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: اتّق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن.
وقال غيره: معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال: أحسب هذه الآية نزلت في كذا، كما أخرجه الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال: خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة (اسم موضع) فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «اسق يا زبير، ثم ارسل الماء إلى جارك، فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك. فتلون وجهه .. ». الحديث. قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [سورة النساء آية: ٦٥].
وقال الحاكم في علوم الحديث: إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن، أنها نزلت في كذا، فإنه حديث مسند، ومشى على هذا ابن الصلاح وغيره ومثلوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، فأنزل الله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [سورة البقرة آية: ٢٢٣].