أهل الباطل إلحاد. اه.
قال التفتازاني في شرحه: سمّيت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها، بل لها معان لا يعرفها إلا المعلم. وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية. قال:
وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك ففيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف لأرباب السلوك يمكن التوفيق بينها وبين الظواهر المرادة؛ فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
ومن هنا يعلم الفرق بين تفسير الصوفية المسمى بالتفسير الإشاري، وبين تفسير الباطنية الملاحدة؛ فالصوفية لا يمنعون إرادة الظاهر؛ بل يحضون عليه ويقولون: لا بد منه أولا؛ إذ من ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم الظاهر، كمن ادعى بلوغ سطح البيت قبل أن يجاوز الباب.
أما الباطنية فإنهم يقولون: إن الظاهر غير مراد أصلا، وإنما المراد الباطن. وقصدهم نفي الشريعة.
[أهم كتب التفسير الإشاري:]
وأهم كتب التفسير الإشاري أربعة: تفسير النيسابوري، وتفسير الألوسي وتفسير التستري، وتفسير محيي الدين بن عربي.
١ - أما تفسير النيسابوري: فقد تقدم الكلام عليه، وبقي أن نذكر لك عنه أنه بعد أن يوفي الكلام على ظاهر معنى الآية أو الآيات يقول: قال أهل الإشارة. أو يقول:
«التأويل» ثم يسوق المعنى الإشاري لتلك الآية أو الآيات تحت هذا العنوان. مثال ذلك:
أنه قال بعد التفسير الظاهر لقوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [سورة البقرة آية: ٦٧] قال ما نصه: التأويل: ذبح البقرة إشارة إلى ذبح النفس البهيمية فإن في ذبحها حياة القلب الروحاني، وهو الجهاد الأكبر. «موتوا قبل أن تموتوا».
٢ - وأما تفسير الألوسي: فاسمه «روح المعاني». ومؤلفه العلامة المحقق شهاب الدين السيد محمد الألوسي البغدادي مفتي بغداد المتوفى سنة (١٢٧٠ م) وهذا التفسير من أجلّ التفاسير وأوسعها وأجمعها. نظم فيه روايات السلف بجانب آراء الخلف المقبولة.
وألف فيه بين ما يفهم بطريق العبارة. وما يفهم بطريق الإشارة، رحمه الله وتجاوز عنه.
ومما قاله في التفسير الإشاري بعد أن فسر قوله تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [سورة البقرة آية: ٥٥] إلخ الآيات