أربعة وستون ومن المهاجرين ستة منهم حمزة، فمثلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله وَإِنْ عاقَبْتُمْ الآية. فظاهره تأخير نزولها إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد. قال ابن الحصار: ويجمع أنها نزلت أولا بمكة قبل الهجرة مع السورة؛ لأنها مكية ثم ثانيا بأحد ثم ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده، وجعل ابن كثير من هذا القسم آية الروح.
[تنبيه:(١)]
قد يكون في إحدى القصتين «فتلا» فيهم الراوي فقال: فنزل.
مثاله: ما أخرجه الترمذي، وصححه عن ابن عباس، قال: مر يهودي بالنبي صلّى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه فأنزل الله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [سورة الزمر آية: ٦٧]. والحديث في الصحيح بلفظ فتلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو الصواب، فإن الآية مكية.
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه البخاري عن أنس قال: سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي. ما أول أشراط الساعة، وما أول طعام أهل الجنة، ولم ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: أخبرني بهن جبريل آنفا. قال: جبريل؟ قال: نعم. قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ [سورة البقرة آية: ٩٧].
قال ابن حجر في شرح البخاري: ظاهر السياق أن النبي صلّى الله عليه وسلم قرأ الآية ردّا على اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد، فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة ابن سلام.
[تنبيه:(٢)]
عكس ما تقدم أن يذكر سبب واحد في نزول الآيات المتفرقة ولا إشكال في ذلك فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء. فأنزل الله فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ [سورة آل عمران آية: ١٩٥].