أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لا بس الفتن منهم، فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهّد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة، اه. ابن الصلاح.
[٢ - أكثرهم حديثا:]
أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبو هريرة. روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن، وأحمد بن حنبل، وذلك من الظاهر الذي لا يخفى على حديثيّ وهو أول صاحب حديث، بلغنا عن أبي بكر بن داود السّجستاني قال:«رأيت أبا هريرة في النوم وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة فقلت: إني لأحبك، فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا».
وعن أحمد بن حنبل أيضا رضي الله عنه قال:«ستة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه وعمّروا: أبو هريرة، وابن عمر، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وأنس، وأبو هريرة أكثرهم حديثا، وحمل عنه الثقات».
ثم إن أكثر الصحابة فتيا تروى: ابن عباس، بلغنا عن أحمد بن حنبل قال:«ليس أحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس».
[العبادلة منهم:]
وروينا عن أحمد بن حنبل- أيضا- أنه قيل له:«من العبادلة؟» فقال: «عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو». قيل له:
«فابن مسعود؟» قال: «لا، ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة».
قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقرأته بخطه:«وهذا لأن ابن مسعود تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة، أو هذا فعلهم».
قلت: ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسلمين بعبد الله من الصحابة، وهم نحو مائتين وعشرين نفسا، والله أعلم، اه من مقدمة ابن الصلاح.
[٣ - أكثرهم أتباعا وأكثرهم علما:]
قال ابن الصلاح: روينا عن علي بن عبد الله المديني قال: «لم يكن من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم أحد له أصحاب يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت،