حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا تصنع الناس إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه، فهذا الإنكار منهما مخالف لما كان عليه السلف والخلف، ولما يقتضيه الدليل، فهو متروك، والاعتماد على ما تقدم من استحبابها.
[ختم القرآن]
ويستحب ختم القرآن في كل أسبوع، قال النبي صلّى الله عليه وسلم:«اقرأ القرآن في كل سبع ولا تزد»[رواه أبو داود].
وروى الطبراني بسند جيد: سئل أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: كيف كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجزئ القرآن؟ قالوا: كان يجزئه ثلاثا وخمسا، وكره قوم قراءته في أقل من ثلاث، وحملوا عليه حديث:«لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»[رواه الأربعة وصححه الترمذي].
والمختار- وعليه أكثر المحققين- أن ذلك يختلف بحال الشخص في النشاط والضعف، والتدبر والغفلة؛ لأنه روي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يختمه في ليلة واحدة.
ويكره تأخير ختمه أكثر من أربعين [رواه أبو داود].
وقال أبو الليث في كتاب «البستان»: ينبغي أن يقرأ القرآن في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة.
وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال: من قرأ القرآن في كل سنة مرتين فقد أدى للقرآن حقه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم عرضه على جبريل في السنة التي قبض فيها مرتين.
وقال أبو الوليد الباجي: أمر النبي صلّى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو أن يختم في سبع أو ثلاث يحتمل أنه الأفضل في الجملة، أو أنه الأفضل في حق ابن عمرو لما علم من ترتيله في قراءته، وعلم من ضعفه عن استدامته أكثر مما حدّ له، وأما من استطاع أكثر من ذلك فلا تمنع الزيادة عليه.
وسئل مالك عن الرجل يختم القرآن في كل ليلة فقال: ما أحسن ذلك: إن القرآن إمام كل خير.
وقال بشر بن السّري: إنما الآية مثل التمرة كلما مضغتها استخرجت حلاوتها، فحدث به أبو سليمان فقال: صدق؛ إنما يؤتى أحدكم من أنه إذا ابتدأ السورة أراد آخرها. فالتأني مع التدبر والتذكر أفضل بلا شك، وكله إلى خير إن شاء الله.