ومنهم مرة الهمذاني الكوفي: لكثرة عبادته قيل: مرة الطيب، ومرة الخير، أخذ عن أبيّ بن كعب، وعمر بن الخطاب وغيرهما من الصحابة، وروى عنه الشعبي وغيره.
هؤلاء هم أعلام المفسرين من التابعين استمدوا آراءهم وعلومهم مما تلقوه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وعنهم أخذ تابعو التابعين وهكذا، حتى وصل إلينا دين الله وكتابه وعلومه ومعارفه سليمة كاملة عن طريق التلقي والتلقين، جيلا عن جيل، مصداقا لقوله- سبحانه-:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سورة الحجر آية: ٩].
ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
[نقد المروي عن التابعين:]
يلاحظ على ما روي عن التابعين اعتبارات مهمة تثير الطعن فيه وتوجّه الطعن إليه.
منها أنهم لم يشاهدوا عهد النبوة، ولم يتشرفوا بأنوار الرسول صلّى الله عليه وسلم، فيغلب على الظن أن ما يروى عنهم من تفسير القرآن إنما هو من قبيل الرأي لهم، فليس له قوة المرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلم.
ومنها: أنه يندر فيه الإسناد الصحيح.
ومنها: اشتماله على إسرائيليات وخرافات انسابت إليه تارة من زنادقة الفرس، وأخرى من بعض مسلمة أهل الكتاب، إما بحسن نية، وإما بسوء نية.
[ضعف الرواية بالمأثور]
علمنا أن الرواية بالمأثور، تتناول ما كان تفسيرا للقرآن بالقرآن، وما كان تفسيرا للقرآن بالسنة، وما كان تفسيرا للقرآن بالموقوف عن الصحابة أو التابعين على رأي.
أما تفسير بعض القرآن ببعض، وتفسير القرآن بالسنة الصحيحة المرفوعة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، فلا خلاف في وجاهته وقبوله.
وأما تفسير القرآن بما يعزى إلى الصحابة والتابعين؛ فإنه يتطرق إليه الضعف من وجوه:
أولها: ما دسه أعداء الإسلام مثل: زنادقة اليهود والفرس، فقد أرادوا هدم هذا الدين المتين عن طريق الدس والوضع، حينما أعيتهم الحيل في النيل منه عن طريق الحرب والقوة، وعن طريق الدليل والحجة.
ثانيها: ما لفّقه أصحاب المذاهب المتطرفة ترويجا لتطرفهم، كشيعة عليّ المتطرفين