الآخر: نقل الشيء وتحويله مع بقائه في نفسه. وفيه يقول السجستاني من أئمة اللغة:«والنسخ أن تحول ما في الخلية من النحل والعسل إلى أخرى»، ومنه تناسخ المواريث بانتقالها من قوم إلى قوم، وتناسخ الأنفس بانتقالها من بدن إلى غيره، عند القائلين بذلك. ومنه نسخ الكتاب لما فيه من متشابهة النقل. وإليه الإشارة بقوله تعالى:
إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة الجاثية آية: ٢٩]، والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف، ومن الصحف إلى غيره. اه.
وقد اختلف العلماء بعد ذلك في تعيين المعنى الذي وضع له لفظ النسخ: فقيل: إن لفظ النسخ وضع لكل من المعنيين وضعا أوليّا. وعلى هذا يكون مشتركا لفظيّا وهو الظاهر من تبادر كلا المعنيين بنسبة واحدة عند إطلاق لفظ النسخ.
وقيل: إنه وضع للمعنى الأول وحده، فهو حقيقة فيه مجاز في الآخر. وقيل:
عكس ذلك. وقيل: للقدر المشترك بينهما، ولكن هذه الآراء الأخيرة يعوزها الدليل ولا يخلو توجيهها من تكلف وتأويل.
[النسخ في الاصطلاح:]
لقد عرف النسخ في الاصطلاح بتعاريف كثيرة مختلفة. لا نرى من الحكمة استعراضها، ولا الموازنة بينها ونقدها ولكن نجتزئ بتعريف واحد نراه أقرب وأنسب وهو (رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي).
ومعنى رفع الحكم الشرعي: قطع تعلقه بأفعال المكلّفين لا رفعه هو، فأنه أمر واقع والواقع لا يرتفع.
والحكم الشرعي: هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين إما على سبيل الطلب