على التاء من نَسْتَعِينُ وقفة لطيفة مدعيا أنه يرتل، وهذا النوع من القراءة مذهب حمزة وورش، وقد أخرج فيه الداني حديثا في كتاب التجويد مسلسلا إلى أبيّ بن كعب أنه قرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم التحقيق وقال: إنه غريب مستقيم الإسناد.
[الثانية: الحدر بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين]
، وهو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر، والتسكين، والاختلاس، والبدل، والإدغام الكبير، وتخفيف الهمزة، ونحو ذلك مما- صحت به الرواية- مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ وتمكين الحروف بدون بتر حروف المد واختلاس أكثر الحركات، وذهاب صوت الغنة والتفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ولا توصف بها التلاوة، وهذا النوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب.
[الثالثة: التدوير: وهو التوسط بين المقامين بين التحقيق والحدر]
، وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل ولم يبلغ فيه الإشباع وهو مذهب سائر القراء، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء.
[تنبيه:]
سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة، والفرق بينه وبين التحقيق فيما ذكره بعضهم: أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط فكل تحقيق ترتيل وليس كل ترتيل تحقيقا. اه.
[المحكم والمتشابه في القرآن الكريم]
قال السيوطي في الإتقان: قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [سورة آل عمران آية: ٧].
وقد حكى ابن حبيب النيسابوري في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أن القرآن كله محكم لقوله تعالى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ [سورة هود آية: ١].
الثاني: كله متشابه لقوله تعالى: كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [سورة الزمر آية: ٢٣].
الثالث: وهو الصحيح انقسامه إلى محكم ومتشابه للآية المصدر بها، والجواب عن الآيتين أن المراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه، وبتشابهه كونه يشبه بعضه بعضا في الحق والصدق والإعجاز.
وقد اختلف في تعيين المحكم والمتشابه على أقوال: فقيل: المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور.