وقد كان بعضهم يقول: لبيك ربي وسعديك- ويتأمل ما بعدها مما أمر به ونهى عنه.
وذلك إذا قرأ في غير الصلاة.
وتكره قراءة القرآن بلا تدبر، وعليه يحمل حديث عبد الله بن عمرو:«لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث»[رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح].
وقول ابن مسعود لمن أخبره أنه يقوم بالقرآن في ليلة: أهذّا (سرعة) كهذّ الشعر! وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلم في صفة الخوارج: «يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولا حناجرهم» ذمهم بإحكام ألفاظه، وترك التفهم لمعانيه.
[حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن]
ويجوز أخذ الأجرة على التعليم، ففي صحيح البخاري:«إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله». وقيل: إن تعين عليه لم يجز. واختاره الحليمي، وقال: استصغر الناس المعلمين لقصرهم زمانهم على معاشرة الصبيان، ثم النساء حتى أثر ذلك في عقولهم، ثم لابتغائهم عليه الأجعال، وطمعهم في أطعمة الصبيان، فأما نفس التعليم فإنه يوجب التشريف والتفضيل.
وقال أبو الليث في كتاب «البستان»: التعليم على ثلاثة أوجه:
أحدها: للحسبة ولا يأخذ به عوضا. والثاني: أن يعلّم بالأجرة، والثالث: أن يعلّم بغير شرط، فإذا أهدي إليه قبل.
فالأول: مأجور عليه وهو عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
الثاني: مختلف فيه، قال أصحابنا المتقدمون: لا يجوز؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم:«بلّغوا عني ولو آية». وقال جماعة من المتأخرين: يجوز مثل عصام بن يوسف ونصر بن يحيى، وأبي نصر بن سلام- وغيرهم قالوا: والأفضل للمعلم أن يشارط الأجرة للحفظ وتعليم الكتابة، فإن شارط لتعليم القرآن أرجو أنه لا بأس به؛ لأن المسلمين قد توارثوا ذلك واحتاجوا إليه.
وأما الثالث: فيجوز في قولهم جميعا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان معلّما للخلق وكان يقبل الهدية، ولحديث اللديغ لما رقوه بالفاتحة وأخذوا منه جعلا (أجرا) وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: