عند الله، ورغبة في حض الناس على عمل الخير واجتناب المعاصي فيما زعموا، وهم بهذا العمل يفسدون ولا يصلحون. ولولا رجال صدقوا في الإخلاص لله، ونصبوا أنفسهم للدفاع عن دينهم، وتفرغوا للذّبّ عن سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأفنوا أعمارهم في التمييز بين الحديث الثابت والحديث المكذوب، وهم أئمة السنة وأعلام الهدى.
لولا هؤلاء لاختلط الأمر على العلماء والدهماء، ولسقطت الثقة بالأحاديث: فقد رسموا قواعد النقد، ووضعوا علم الجرح والتعديل، فكان من عملهم علم مصطلح الحديث، وهو أدق الطرق التي ظهرت في العلم للتحقيق التاريخي، ومعرفة النقل الصحيح من الباطل، فجزاهم الله عن الأمة والدين أحسن الجزاء.
ومن الأحاديث الموضوعة المعروفة: الحديث المروي عن أبيّ بن كعب مرفوعا في فضائل القرآن سورة سورة. وقد ذكره بعض المفسرين في تفاسيرهم، كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي وقد أخطأوا في ذلك خطأ شديدا.
[لا يلزم من ضعف السند ضعف الحديث]
[فائدة:]
من وجد حديثا بإسناد ضعيف؛ فالأحوط أن يقول: إنه ضعيف بهذا الإسناد، ولا يحكم بضعف المتن- مطلقا من غير تقييد- بمجرد ضعف ذلك الإسناد، فقد يكون الحديث واردا بإسناد آخر صحيح، إلا أن يجد الحكم بضعف المتن منقولا عن إمام من الحفاظ المطلعين على الطرق، وإن نشط الباحث عن طريق الحديث وترجح عنده أن هذا المتن لم يرد من طريق أخرى صحيحة، غلب على ظنه ذلك- فإني لا أرى بأسا بأن يحكم بضعف الحديث مطلقا. وإنما ذهب ابن الصلاح إلى المنع تقليدا لهم في منع الاجتهاد. اه. أحمد شاكر.
[رواية الحديث الضعيف]
قال ابن الصلاح: ويجوز رواية ما عدا الموضوع في باب الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ، ونحو ذلك. إلا في صفات الله عزّ وجل. وفي باب الحلال والحرام.
قال: وممن يرخّص في رواية الضعيف- فيما ذكرناه- ابن مهدي، وأحمد بن حنبل رحمهما الله.