العمل بخبر الواحد له شروط، منها ما هو في المخبر وهو الراوي، ومنها ما هو في المخبر عنه وهو مدلول الخبر، ومنها ما هو في الخبر نفسه وهو اللفظ الدال.
أما الشروط الراجعة إلى الراوي فخمسة:
الشرط الأول- التكليف:
فلا تقبل رواية الصبي والمجنون، ونقل القاضي الإجماع على رد رواية الصبي، واعترض عليه العنبري، وقال: بل هما قولان للشافعي في إخباره عن القبلة كما حكاه القاضي حسين في تعليقه.
قال: ولأصحابنا خلاف مشهور في قبول روايته في هلال رمضان وغيره.
قال الفوراني: الأصح قبول روايته، والوجه في رد روايته أنه قد يعلم أنه غير آثم لارتفاع قلم التكليف عنه فيكذب.
وقد أجمع الصحابة على عدم الرجوع إلى الصبيان مع أن فيهم من كان يطلع على أحوال النبوة وقد رجعوا إلى النساء وسألوهن من وراء حجاب.
قال الغزالي في المنخول: محل الخلاف في المراهق المتثبت في كلامه، أما غيره فلا يقبل قطعا.
وهذا الاشتراط إنما هو باعتبار وقت الأداء للرواية، أما لو تحملها صبيّا وأداها مكلّفا؛ فقد أجمع السلف على قبولها كما في رواية ابن عباس والحسنين، ومن كان مماثلا لهم كمحمود بن الربيع؛ فإنه روى حديث: أنه صلّى الله عليه وسلم مجّ في فيه مجة وهو ابن خمس سنين. واعتمد العلماء روايته.
وقد كان من مع بعض الصحابة من التابعين، وتابعيهم، ومن بعدهم يحضرون الصبيان مجالس الروايات، ولم ينكر ذلك أحد.
وهكذا لو تحمل وهو فاسق أو كافر ثم روى وهو عدل مسلم.
ولا أعرف خلافا في عدم قبول رواية المجنون في حال جنونه، أما لو سمع في حال جنونه ثم أفاق؛ فلا يصح ذلك؛ لأنه وقت الجنون غير ضابط.
وقد روى جماعة إجماع أهل المدينة على قبول رواية الصبيان بعضهم على بعض في الدماء لمسيس الحاجة إلى ذلك لكثرة وقوع الجنايات فيما بينهم إذا انفردوا ولم يحضرهم من تصح شهادته، وقيدوه بعدم تفرقهم بعد الجناية حتى يؤدوا الشهادة،