قصيرة بالنسبة للمؤلفات التي ألفت بعد ذلك في هذا النوع.
ثم أهلّ القرن الثامن فكتب فيه بدر الدين الزركشي المتوفى سنة ٧٩٤ هـ كتابا سماه «البرهان في علوم القرآن» يقع في مجلدين ناقصين.
ثم طلع القرن التاسع على هذا العلم باليمن والبركة، فدرج فيه وترعرع، إذ ألف محمد ابن سليمان الكافيجي المتوفى سنة ٨٧٣ هـ كتابا يقول السيوطي عنه:«إنه لم يسبق إليه».
وفي هذا القرن التاسع أيضا ألف السيوطي كتابا سماه:«الإتقان في علوم القرآن» وهو عمدة الباحثين والكاتبين في هذا الفن. ذكر فيه ثمانين نوعا من أنواع علوم القرآن على سبيل الإجمال والإدماج، ثم قال بعد أن سردها نوعا نوعا:«ولو نوعت باعتبار ما أدمجته فيها لزادت على الثلاثمائة» اه.
وتوفي السيوطي رحمه الله سنة ٩١١ هـ في مفتتح القرن العاشر، وكأن نهايته كانت نهاية لنهضة التأليف في علوم القرآن (عليه سحائب الرحمة والرضوان) فلم نر من سار في هذا المضمار مثله بعده، كما لم نر من بزه فيه قبله. اه. مناهل. باختصار.
[جمع القرآن وسبب كتب عثمان المصاحف وإحراقه ما سواها]
كان القرآن في مدة النبي صلّى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال، وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد، وفي لخاف، وظرر، وفي خزف وغير ذلك.
قال الأصمعي: اللخاف: حجارة بيض رقاق واحدتها لخفة. والظرر: حجر له حدّ كحد السكين والجمع ظرار، مثل رطب ورطاب، وربع ورباع.
فلم استحرّ القتل بالقرّاء يوم اليمامة في زمن الصديق رضي الله عنه، وقتل منهم في ذلك اليوم فيما قيل سبعمائة، أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراء، كأبيّ، وابن مسعود، وزيد، فندبا زيد بن ثابت إلى ذلك، فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد رضي الله عنه.
روى البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إلى أبي بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القراء إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: فقلت لعمر: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ فقال: هو والله خير، فلم يزل يراجعني حتى شرح الله لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر؛ قال زيد: وعنده عمر جالس لا يتكلم، فقال لي أبو