قديم الأعصار إلى زماننا واشتهر ذلك بحيث لا يخفى فيكتبون من حدثنا (ثنا) وهي الثاء والنون والألف، وربما حذفوا الثاء، ويكتبون من أخبرنا (نا) ولا يحسن زيادة الباء قبل «نا»، وإذا كان للحديث إسنادان أو أكثر كتبوا عند الانتقال من إسناد إلى إسناد (ح) وهي حاء مهملة مفردة، والمختار أنها مأخوذة من التحول، لتحوله
من إسناد إلى إسناد، وأنه يقول القارئ إذا انتهى إليها:(ح) ويستمر في قراءة ما بعدها.
وقيل: إنها من حال بين الشيئين، إذا حجز لكونها حالت بين الإسنادين، وأنه لا يلفظ عند الانتهاء إليها بشيء وليست من الرواية.
وقيل: إنها رمز إلى قوله الحديث، وأن أهل المغرب كلهم يقولون إذا وصلوا إليها:
الحديث. وقد كتب جماعة من الحفاظ موضعها «صح» فيشعر بأنها رمز «صح»، وحسنت هاهنا كتابة «صح» لئلا يتوهم أنه سقط متن الإسناد الأول.
ثم هذه الحاء توجد في كتب المتأخرين كثيرا وهي كثيرة في صحيح مسلم، وقليلة في صحيح البخاري، فيتأكد احتياج صاحب هذا الكتاب إلى معرفتها وقد أرشدناه إلى ذلك ولله الحمد والنعمة والفضل والمنة.
[ليس للراوي أن يزيد أو ينقص في نسب غير شيخه أو صفته]
ليس للراوى أن يزيد في نسب غير شيخه ولا صفته على ما سمعه من شيخه، لئلا يكون كاذبا على شيخه، فإن أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس المتطرق إليه لمشابهة غيره؛ فطريقه أن يقول: قال حدثني فلان (يعني ابن فلان، أو الفلاني، أو هو ابن فلان، أو الفلاني، أو نحو ذلك) فهذا جائز حسن؛ قد استعمله الأئمة، وقد أكثر البخاري ومسلم منه في الصحيحين غاية الإكثار، حتى إن كثيرا من أسانيدهما يقع في الإسناد الواحد منها موضعان أو أكثر من هذا الضرب، كقوله في أول كتاب البخاري في باب «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» قال أبو معاوية: حدثنا داود (هو ابن أبي هند) عن عامر قال:
سمعت عبد الله (هو ابن عمرو)، وكقوله في كتاب مسلم في باب «منع النساء من الخروج إلى المساجد» حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن يحيى (وهو ابن سعيد) ونظائره كثيرة، وإنما يقصدون بهذا الإيضاح كما ذكرنا أولا؛ فإنه لو قال: حدثنا داود أو عبد الله، لم يعرف من هو لكثرة المشاركين في هذا الاسم، ولا يعرف ذلك في بعض المواطن إلا الخواص والعارفون بهذه الصنعة وبمراتب الرجال، فأوضحوه لغيرهم وخففوا عنهم مؤونة النظر والتفتيش، وهذا الفصل نفيس يعظم الانتفاع به، فإن من لا يعاني هذا الفن قد يتوهم أن قوله «يعني» وقوله «هو» زيادة لا حاجة إليها، وأن