ثانيتها: أن كثيرا من الناس قاموا في زعمهم بنقل القرآن إلى لغات كثيرة وترجمات متعددة.
ثالثتها: وقوع أغلاط فاحشة في هذه التي سموها ترجمات، وكان وجودها معولا هداما لبناء مجد الإسلام، ومحاولة سيئة لزلزلة الوحدة الدينية واللغوية والاجتماعية لأمتنا الإسلامية (صانها الله).
انظر ما كتبه العلامة أبو عبد الله الزنجاني في كتابه «تاريخ القرآن» إذ يقول: ربما كانت أول ترجمة إلى اللغة اللاتينية لغة العلم في أوربا، وذلك سنة ١١٤٣ م بقلم (كنت) الذي استعان في عمله ببطرس الطليطلي، وعالم ثان عربي، فيكون القرآن قد دخل أوربا عن طريق الأندلس، وكان الغرض من ترجمته عرضه على (دي كلوني) بقصد الرد عليه، ونجد فيما بعد أن القرآن ترجم ونشر باللاتينية عام (١٥٠٩ م) ولكن لم يسمح للقراء أن يقتنوه ويتداولوه؛ لأن طبعته لم تكن مصحوبة بالردود. وفي عام (١٥٩٤ م) أصدر (هنكلمان) ترجمته، وجاءت على الأثر عام (١٥٩٨) طبعة (مراتشي) مصحوبة بالردود.
أفلا ترى معنى أنه يجب علينا بإزاء ذلك أن ندلي برأي سديد في هذا الأمر الجلل؟
لنعلم ما يراد بنا وبقرآننا، ولننظر إلى أي طريق نحن مسوقون؟ عسى أن يدفعنا هذا التحري والتثبت إلى اتخاذ إجراء حازم، ننتصف فيه للحق من الباطل، ونؤدي به رسالتنا في نشر هداية الإسلام والقرآن على بصيرة ونور؟!.
ولنبدأ الكلام ببيان معنى الترجمة لغة وعرفا، ثم بتقسيمها إلى حرفية وتفسيرية، ثم ببيان الفرق بين الترجمة والتفسير، فإن تحديد معاني الألفاظ وتحقيق المراد منها، مجهود مهم ومفيد، لا سيما ما كان من الأبحاث الخلافية كهذا البحث الذي نعانيه.
[الترجمة في اللغة:]
وضعت كلمة:«ترجمة» في اللغة العربية لتدل على أحد معان أربعة:
أولها: تبليغ الكلام لمن لم يبلغه. ومنه قول الشاعر:
إن الثمانين- وبلّغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
ثانيها: تفسير الكلام بلغته التي جاء بها ومنه قيل في ابن عباس: «إنه ترجمان القرآن».
ثالثها: تفسير الكلام بلغة غير لغته. جاء في لسان العرب وفي القاموس: أن الترجمان هو المفسر للكلام. وقال شارح القاموس ما نصه:«وقد ترجمه وترجم عنه إذا فسر كلامه بلسان آخر. قاله الجوهري» اه.