هدى سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم، ووظيفته البيان والشرح، مع أنّا نقطع بعصمته وتوفيقه قال تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [سورة النحل آية: ٤٤].
٣ - بقي القسم الثالث وهو بيان القرآن بما صح وروده عن الصحابة رضوان الله عليهم: قال الحاكم في المستدرك: «إن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل له حكم المرفوع»، كذلك أطلق الحاكم، وقيّده بعضهم بما كان في بيان سبب النزول ونحوه مما لا مجال للرأي فيه، وإلا فهو من الموقوف.
ووجهة نظر الحاكم ومن وافقه: أن الصحابة رضوان الله عليهم قد شاهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا وعاينوا من أسباب النزول ما يكشف لهم النقاب عن معاني الكتاب، ولهم من سلامة فطرتهم، وصفاء نفوسهم، وعلو كعبهم في الفصاحة والبيان، ما يمكنهم من الفهم الصحيح لكلام الله، وما يجعلهم يوقنون بمراده من تنزيله وهداه.
أما ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف العلماء: منهم من اعتبره من المأثور؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالبا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي.
وفي تفسير ابن جرير الطبري كثير من النقول عن الصحابة والتابعين في بيان القرآن الكريم، بيد أن الحافظ ابن كثير يقول: إن أكثر التفسير المأثور قد سرى إلى
الرواة من زنادقة اليهود والفرس ومسلمة أهل الكتاب، قال بعضهم: وجلّ ذلك في قصص الرسل مع أقوامهم، وما يتعلق بكتبهم ومعجزاتهم، وفي تاريخ غيرهم كأصحاب الكهف، ومدينة إرم ذات العماد، وسحر بابل، وعوج بن عنق، وفي أمور الغيب من أشراط الساعة وقيامتها، وما يكون فيها وبعدها، وجلّ ذلك خرافات ومفتريات، صدقهم فيها الرواة حتى بعض الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك قال الإمام أحمد:«ثلاثة ليس لها أصل:
التفسير، والملاحم، والمغازي» وكان الواجب جمع الروايات المفيدة في كتب مستقلة، كبعض كتب الحديث وبيان قيمة أسانيدها، ثم يذكر في التفسير ما يصح منها بدون سند، كما يذكر الحديث في كتب الفقه لكن يعزى إلى مخرجه. اه ما أردنا نقله.
[المفسرون من الصحابة]
قال السيوطي في الإتقان: «اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة، الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير.
أما الخلفاء الأربعة، فأكثر من روي عنه منهم، عليّ بن أبي طالب- كرم الله وجهه-