أو التخيير. وإما على سبيل كون الشيء سببا أو شرطا أو مانعا أو صحيحا أو فاسدا.
والدليل الشرعي: هو وحي الله مطلقا متلوّا أو غير متلوّ، فيشمل الكتاب والسنة.
أما القياس والإجماع ففي نسخهما والنسخ بهما كلام تراه في موضع آخر.
[ما لا بد منه في النسخ]
ولا بد من تحقق النسخ من أمور أربعة:
أولها: أن يكون المنسوخ حكما شرعيّا.
ثانيها: أن يكون دليل رفع الحكم دليلا شرعيّا.
ثالثها: أن يكون هذا الدليل الرافع متراخيا عن دليل الحكم الأول غير متصل به كاتصال القيد بالمقيد والتأقيت بالمؤقت.
رابعا: أن يكون بين ذينك الدليلين تعارض حقيقي.
تلك أربعة لا بد منها لتحقق النسخ باتفاق جمهرة الباحثين. وثمة شروط اختلفوا في شرطيتها لا داعي لذكرها الآن.
[الفرق بين النسخ والبداء]
البداء: (بفتح الباء) يطلق في لغة العرب على معنيين متقاربين:
أحدهما: الظهور بعد الخفاء، ومنه قول الله سبحانه: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [سورة الزمر آية: ٤٧]، وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا [سورة الجاثية آية: ٣٣]، ومنه قولهم: بدا لنا سور المدينة.
والآخر: نشأة رأي جديد لم يك موجودا. قال في القاموس: وبدا له في الأمر بدوّا، وبداء وبداءة أي: نشأ له فيه رأي. اه.
ومنه قول الله تعالى: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [سورة يوسف آية: ٣٥]. ذانك معنيان متقاربان للبداء، وكلاهما مستحيل على الله تعالى، لما يلزمهما من سبق الجهل وحدوث العلم، والجهل والحدوث عليه محالان؛ لأن النظر الصحيح في هذا العالم، دلّنا على أن خالقه ومدبره متصف أزلا وأبدا بالعلم الواسع المطلق المحيط بكل ما كان وما سيكون وما هو كائن، كما هدانا هذا النظر الصحيح إلى أنه تعالى لا يمكن أن يكون حادثا ولا محلّا للحوادث، وإلا لكان ناقصا يعجز عن