كثيرة، والتحدي به قائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
٣ - إن القرآن الكريم لا ينسب إلا إلى الله تعالى، بخلاف الحديث القدسي، فقد يروى مضافا إلى الله تعالى، وتكون النسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء، فيقال: قال الله تعالى، أو يقول الله تعالى، وقد يضاف إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم وتكون النسبة حينئذ نسبة إخبار؛ لأنه عليه السّلام هو المخبر به عن الله عزّ وجل فيقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزّ وجل.
٤ - القرآن جميعه قطعي الثبوت، لأنه منقول بالتواتر، وهو محفوظ من التغيير والتبديل، مصداقا لقول الله عزّ وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سورة الحجر آية: ٩] وليس كذلك الحديث القدسي.
٥ - القرآن لا يجوز مسّه للمحدث، كما لا تجوز قراءته للجنب، وهما جائزان مع الحديث القدسي. وقال بعضهم: هما جائزان- أيضا- مع القرآن، وليس في المنع حديث صحيح.
٦ - القرآن متعبد بتلاوته، فهو المتعيّن للقراءة في الصلاة: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [سورة المزمل آية: ٢٠] ومجرد قراءته عبادة، فللتالي عشر حسنات بكل حرف يتلوه من حروفه، كما جاء في الحديث الصحيح، وليس كذلك الحديث القدسي.
٧ - جاحد القرآن يكفر لأنه متواتر قطعي الثبوت.
هذا عن القرآن الكريم.
أما الحديث القدسي: فلا يثبت له شيء من ذلك. فليس فيه إعجاز، والمعنى من عند الله، أما اللفظ: فهو من عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
والأحاديث القدسية ظنية الثبوت؛ لأن أكثرها أخبار آحاد، ويطرأ عليها ما يطرأ على بقية الأحاديث، فقد يكون الواحد منها مقبولا، وقد يكون مردودا، فمنها الصحيح، ومنها الحسن، ومنها الضعيف، ووصف الحديث بكونه قدسيّا لا يعني أن يكون ذلك عنوان صحة هذا الحديث وصلاحيته للقبول، وإنما يخضع كما تخضع الأحاديث النبوية لسلامة النقل عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وصحة السند؛ لأن ذلك في الغالب هو مناط الحكم على الحديث بالقبول أو الرد.
[الفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي:]
١ - يمكن القول: بأن ما ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم سواء أكان من الأمور التوقيفية التعليمية من الوحي أو من الأمور الاجتهادية- ولا يقره الوحي إلا على الصواب- فمردها جميعا بجملتها إلى الوحي، وليس معنى ذلك أن كل حديث بعينه موحى به، بل إن هذه