أما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفا وخلفا، وأما السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أن يقال به هنا؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي صلّى الله عليه وسلم. لكن لم يأخذ به أحد من القراءة، والمنع فيه ظاهر؛ لأن المقصود هنا كيفية الأداء، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته بخلاف الحديث، فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن، وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من النبي صلّى الله عليه وسلم؛ لأنه نزل بلغتهم، ومما يدل للقراءة على الشيخ: عرض النبي صلّى الله عليه وسلم على جبريل في رمضان كل عام.
ويحكى أن الشيخ شمس الدين الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق، لم يتسع وقته لقراءة الجميع فكان يقرأ عليهم الآية، ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة فلم يكتف بقراءته.
وتجوز القراءة على الشيخ ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة بحيث لا يخفى عليه حالهم.
وقد كان الشيخ علم الدين السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم، وكذا لو كان الشيخ مشتغلا بشغل آخر كنسخ ومطالعة، وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل تكفي ولو من المصحف.
[كيفيات القراءة]
كيفيات القراءة ثلاث:
[إحداها: التحقيق وهو إعطاء كل حرف حقه، من إشباع المد]
وتحقيق الهمزة، وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات، وبيان الحروف وتفكيكها، وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتؤدة، وملاحظة الجائز من الوقوف بلا قصر للممدود ولا اختلاس للحروف ولا إسكان محرّك ولا إدغامه.
وهو يكون برياضة الألسن وتقويم الألفاظ، ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط بتوليد الحروف من الحركات، وتكريم الراءات، وتحريك السواكن، وتطنين النونات بالمبالغة في الغنّات، كما قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في ذلك: أما علمت أن ما فوق البياض برص، وما فوق الجعودة قطط، وما فوق القراءة ليس بقراءة؟ وكذا يحترز من الفصل بين حروف الكلمة كمن يقف