وما روي عن بعضهم من تقديم القياس في بعض المواطن فبعضه غير صحيح، وبعضه محمول على أنه لم يثبت الخبر عند من قدم القياس بوجه من الوجوه، ومما يدل على تقديم الخبر على القياس حديث معاذ؛ فإنه قدم العمل بالكتاب والسنة على اجتهاده.
[تنبيهات مهمة]
١ - اعلم أنه لا يضر الخبر عمل أكثر الأمة بخلافه، لأن قول الأكثر ليس بحجة.
٢ - ولا يضره عمل أهل المدينة بخلافه خلافا لمالك وأتباعه؛ لأنهم بعض الأمة ولجواز أنه لم يبلغهم الخبر.
٣ - ولا يضره عمل الراوي له بخلافه خلافا لجمهور الحنفية وبعض المالكية؛ لأنا متعبدون بما أبلغنا من الخبر ولم نتعبد بما فهمه الراوي، ولم يأت من قدم عمل الراوي على روايته بحجة تصلح للاستدلال بها.
٤ - ولا يضره كونه مما تعم به البلوى خلافا للحنفية وأبي عبد الله البصري لعمل الصحابة والتابعين بأخبار الآحاد في ذلك.
٥ - ولا يضره كونه في الحدود والكفارات، خلافا للكرخي من الحنفية وأبي عبد الله البصري في أحد قوليه، ولا وجه لهذا الخلاف فهو خبر عدل في حكم شرعي، ولم يثبت في الحدود والكفارات دليل يخصها من عموم الأحكام الشرعية واستدلالهم بحديث:
«ادرؤوا الحدود بالشبهات» باطل؛ فالخبر الموجب للحد يدفع الشبهة على فرض وجودها.
٦ - ولا يضره- أيضا- كونه زيادة على النص القرآني أو السنة القطعية خلافا للحنفية، فقد قالوا: إن خبر الواحد إذا ورد بالزيادة في حكم القرآن أو السنة القطعية كان نسخا لا يقبل، والحق القبول؛ لأنها زيادة غير منافية للمزيد فكانت مقبولة.
ودعوى أنها ناسخة ممنوعة، وهكذا إذا ورد الخبر مخصصا للعام من كتاب أو سنة؛ فإنه مقبول، ويبنى العام على الخاص خلافا لبعض الحنفية، وهكذا إذا ورد مقيدا لمطلق الكتاب أو السنة القطعية.
٧ - ولا يضره كون روايه انفرد بزيادة فيه على ما رواه غيره إذا كان عدلا فقد يحفظ الفرد ما لا يحفظه الجماعة، وبه قال الجمهور إذا كانت تلك الزيادة غير منافية للمزيد، أما إذا كانت منافية فالترجيح، ورواية الجماعة أرجح من رواية الواحد.
وقيل: لا تقبل رواية الواحد إذا خالفت رواية الجماعة، وإن كانت تلك الزيادة غير منافية للمزيد إذا كان مجلس السماع واحدا، وكانت الجماعة بحيث لا يجوز عليهم