وهي آيات تردع المؤمنين عن رذيلة الإعجاب والاغترار في يوم من أيام الله، وتلفت نظرهم إلى مقدار تدارك الله لهم في شدتهم، وإلى وجوب أن يتوبوا إلى رشدهم، ويتوبوا إلى ربهم.
رابعها: كشف حال أعداء الله المنافقين، وهتك أستارهم، وسرائرهم للنبي صلّى الله عليه وسلم والمسلمين، كيما يأخذوا منهم حذرهم فيأمنوا شرهم، وحتى يتوب من شاء منهم، اقرأ إن شئت قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ إلى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [سورة البقرة آية: ٨ - ٢٠].
وهن ثلاث عشرة آية فضحت المنافقين كما فضحتهم سورة التوبة في كثير من الآيات، كما كشف القرآن أستارهم في كثير من المناسبات.
[الحكمة الرابعة الإرشاد إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده]
وأنه لا يمكن أن يكون كلام النبي صلّى الله عليه وسلم ولا كلام مخلوق سواه.
وبيان ذلك أن القرآن الكريم تقرؤه من أوله إلى آخره، فإذا هو محكم السرد، دقيق السبك، متين الأسلوب، قوي الاتصال، آخذ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله، يجري دم الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة، ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك، ولا تخاذل كأنه حلقة مفرغة! أو كأنه سمط وحيد، وعقد فريد يأخذ بالأبصار: نظمت حروفه وكلماته، ونسقت جمله وآياته، وجاء آخره مساوقا لأوله، وبدا أوله مواتيا لآخره!!
وهنا نتساءل: كيف اتسق للقرآن هذا التأليف المعجز، وكيف استقام له هذا التناسق المدهش؟ على حين أنه لم يتنزل جملة واحدة، بل تنزل آحادا مفرقة تفرّق الوقائع والحوادث في أكثر من عشرين عاما!!