[حكم من شرب شيئا كتب من القرآن]
منع ذلك بعضهم، وكرهه، وأجازه الأكثرون وهو الصواب.
وممن صرح بالجواز من أصحاب الشافعي العماد النيهي تلميذه البغوي فيما رأيته بخط ابن الصلاح، قال: لا يجوز ابتلاع رقعة فيها آية من القرآن، فلو غسلها وشرب ماءها جاز.
وجزم القاضي الحسين، والرافعي بجواز أكل الأطعمة التي كتب عليها شيء من القرآن.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي في ذكر منصور بن عمار: أنه أوتي الحكمة، وقيل: إن سبب ذلك أنه وجد رقعة في الطريق مكتوبا عليها بسم الله الرحمن الرحيم فأخذها فلم يجد لها موضعا، فأكلها، فأري فيما يرى النائم كأنّ قائلا قد قال له:
قد فتح الله عليك باحترامك لتلك الرقعة، فكان بعد ذلك يتكلم بالحكمة. اه من البرهان.
[أحكام تتعلق باحترام المصحف وتعظيمه]
ويستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي، ويجوز تحليته بالفضة إكراما له على الصحيح.
روى البيهقي بسنده إلى الوليد بن مسلم قال: سألت مالكا عن تفضيض المصاحف، فأخرج إلينا مصحفا فقال: حدثني أبي عن جدي أنهم جمعوا القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه، وأنهم فضّضوا المصاحف على هذا ونحوه، وأما بالذهب فالأصح أنه يباح للمرأة دون الرجل، وخص بعضهم الجواز بنفس المصحف دون علاقته (ما يعلق فيه المصحف) المنفصلة عنه، والأظهر التسوية.
ويحرم توسد المصحف وغيره من كتب العلم؛ لأن فيه إذلالا وامتهانا، وكذلك مد الرجلين إلى شيء من القرآن أو كتب العلم، ويستحب تقبيل المصحف؛ لأن عكرمة ابن أبي جهل كان يقبله، وبالقياس على تقبيل الحجر الأسود. ولأنه هدية الله لعباده، فشرع تقبيله كما يستحب تقبيل الولد الصغير.
وعن أحمد ثلاث روايات: الجواز، والاستحباب، والتوقف، وإن كان فيه رفعة وإكرام؛ لأنه لا يدخله قياس، ولهذا قال عمر في الحجر: لولا أني رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
ويحرم السفر بالقرآن إلى أرض العدو للحديث فيه؛ خوف أن تناله أيديهم، وقيل:
إذا كثر الغزاة وأمن استيلاؤهم عليه لم يمنع، لقوله: «مخافة أن تناله أيديهم». ويحرم