الأحاديث لا تخرج بجملتها عنه- كما قلنا- فهو صلّى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
أما الحديث القدسي: فالمعنى من عند الله عزّ وجل يلقى إلى الرسول بكيفية من كيفيات الوحي- لا على التعيين- والألفاظ والصياغة من عند رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومن هنا ترى أن المراد بنسبة الحديث القدسي إلى الله تعالى نسبة مضمونه لا نسبة ألفاظه، واستخدام هذه النسبة كثير في منابت العربية، ففي القرآن الكريم عديد من المواقف التي يحكي الله تعالى فيها بلسان عربي، مضمون خطاب كل رسول لقومه، وجواب قومه له، وغير ذلك، وينسب ذلك إليهم مع أنهم لم يكونوا يتكلمون العربية.
٢ - لا يبدو في الأحاديث القدسية لون من ألوان الأحكام التكليفية، أو جواب على سؤال معين، أو معالجة لواقعة معينة، وإنما الملاحظ أنها تؤدي نوعا من التوجيه الرباني العظيم، مما يتعلق بصحة العقيدة بالله عزّ وجل وكمال قدرته وعظمته وسعة رحمته، وبسلامة السلوك وصحة العمل الذي ينسجم مع تلك العقيدة.
بينما نجد الأمر في القرآن الكريم والأحاديث الأخرى أعم وأشمل، على ما نعلم من طابع الإجمال والعموم في القرآن على الأغلب، وطابع البيان والتفصيل فيما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير.
٣ - بينما نجد القرآن الكريم قد نقل بالتواتر، نجد أن الأحاديث القدسية أخبار آحادية، والأحاديث النبوية: فيها المتواتر اللفظي والمتواتر المعنوي، ولكن غالبيتها العظمى أخبار آحاد.
[عدد الأحاديث القدسية:]
ذكر المحقق أبو الفضل أحمد بن حجر الهيثمي المتوفى سنة (٩٧٥ هـ) رحمه الله في شرحه للأربعين النووية: أن عدد الأحاديث القدسية يتجاوز المائة، وقد أوصلها بعضهم إلى أكثر من ذلك، كما نرى المحدّث المناوي المتوفى سنة (١٠٣١ هـ) الذي جمع مائتين واثنين وسبعين حديثا في كتابه الذي أسماه «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية». وقد ذكرها مرتبة على حروف المعجم ولكن بغير إسناد.