بما أن الترجمة- عرفا- لابد أن تتناول مقاصد الأصل جميعا، فإنا نقفك على أن لله تعالى في إنزال كتابه العزيز ثلاثة مقاصد رئيسية:
١ - أن يكون هداية للثقلين.
٢ - أن يقوم آية لتأييد النبي صلّى الله عليه وسلم.
٣ - أن يتعبد الله خلقه بتلاوة هذا الطراز الأعلى من كلامه المقدس.
[المقصد الأول] هداية القرآن:
هداية القرآن تمتاز بأنها عامة، وتامة، وواضحة.
أما عمومها: فلأنها تنتظم الإنس والجن في كل عصر ومصر، وفي كل زمان ومكان قال الله سبحانه: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [سورة الفرقان آية: ١].
وقال سبحانه: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [سورة الأعراف آية: ١٥٨].
وأما تمام هذه الهداية: فلأنها احتوت أرقى وأوفى ما عرفت البشرية وعرف التاريخ من هدايات الله للناس، وانتظمت كل ما يحتاج إليه الخلق في العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات على اختلاف أنواعها، وجمعت بين مصالح البشر في العاجلة والآجلة، ونظمت علاقة الإنسان بربه، وبالكون الذي يعيش فيه، ووفّقت بطريقة حكيمة
بين مطالب الروح والجسد.
وأما وضوح هذه الهداية: فلعرضها- عرضا رائعا مؤثرا، توافرت فيه كل وسائل الإيضاح وعوامل الإقناع- أسلوب فذ معجز في بلاغته وبيانه، واستدلال بسيط عميق يستمد بساطته وعمقه من كتاب الكون الناطق، وأمثال خلابة تخرج أدق المعقولات في صورة أجلى المحسوسات، وحكم بالغات تبهر الألباب بمحاسن الإسلام، وجلال التشريع، وقصص حكيم مختار يقوي الإيمان واليقين، ويهذب النفوس والغرائز، ويصقل الأفكار والعواطف، ويدفع الإنسان دفعا إلى التضحية والنهضة، ويصور له مستقبل الأبرار والفجار تصويرا يجعله كأنه حاضر تراه الأبصار في رابعة النهار، والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن الكريم.
والمهم أن نعلم في هذا المقام أن الهدايات القرآنية منها ما استفيد من معاني القرآن