ابن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنسا يذكر ذلك، قال ابن الصلاح في كتاب «علوم الحديث»: «فعلّل قوم رواية اللفظ المذكور- يعني التصريح بنفي قراءة البسملة- لمّا رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من غير تعرض لذكر البسملة، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح.
ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له، ففهم من قوله: «كانوا يستفتحون ب الْحَمْدُ لِلَّهِ: أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم، وأخطأ؛ لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية. وانضم إلى ذلك أمور: منها: أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية، فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. والله أعلم».
وقد أطال الحافظ العراقي في شرحه على ابن الصلاح الكلام على تعليل هذا الحديث، وكذلك السيوطي في التدريب. اه منه.
[الحديث المضطرب]
إذا جاء الحديث على أوجه مختلفة، في المتن أو في السند، من راو واحد، أو من أكثر، فإن رجّحت إحدى الروايتين أو الروايات بشيء من وجوه الترجيح- كحفظ راويها، أو ضبطه، أو كثرة صحبته لمن روى عنه- كانت الراجحة صحيحة، والمرجوحة شاذة أو منكرة. وإن تساوت الروايات وامتنع الترجيح: كان الحديث مضطربا، واضطرابه موجب لضعفه، إلا في حالة واحدة، وهي أن يقع الاختلاف في اسم راو أو اسم أبيه أو نسبته مثلا، ويكون الراوي ثقة؛ فإنه يحكم للحديث بالصحة، ولا يضر الاختلاف فيما ذكر، مع تسميتة مضطربا.
وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بهذه المثابة. وكذا جزم الزركشي بذلك في مختصره، فقال:«وقد يدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن» نقل
ذلك السيوطي في التدريب.
والاضطراب قد يكون في المتن فقط، وقد يكون في السند فقط، وقد يكون فيهما معا.
مثال الاضطراب في الإسناد، على ما ذكر السيوطي في التدريب حديث أبي بكر:
«أنه قال: يا رسول الله. أراك شبت؟ قال: «شيّبتني هود وأخواتها». قال الدارقطني: هذا حديث مضطرب؛ فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحاق، وقد اختلف عليه فيه على نحو عشرة أوجه: فمنهم من رواه مرسلا، ومنهم من رواه موصولا،