جبير، وزيد بن أسلم بالمدينة، وعنه أخذ ابنه عبد الرحمن، ومالك بن أنس من تابعي التابعين رضي الله عنه أجمعين، وهؤلاء جميعا يعتبرون واضعي الأساس لما يسمى علم التفسير، وعلم أسباب النزول، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم غريب القرآن ونحو ذلك.
وستجد بسطا لهذا الإجماع في بحث طبقات المفسرين.
[عهد التدوين لعلوم القرآن]
ثم جاء عصر التدوين، فألفت كتب في أنواع علوم القرآن، واتجهت الهمم قبل كل شيء إلى التفسير باعتباره أم العلوم القرآنية لما فيه من التعرض لهذه العلوم في كثير من المناسبات عند شرح الكتاب العزيز.
ومن أوائل الكاتبين في التفسير: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وتفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين، وهم من علماء القرن الثاني.
ثم تلاهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ هـ، وكتابه أجل التفاسير وأعظمها؛ لأنه أول من تعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، كما تعرض للإعراب والاستنباط. وبقيت العناية بالتفسير قائمة إلى عصرنا هذا حتى وجدت منه مجموعة رائعة فيها المعجب والمطرب، والموجز والمطول والمتوسط، ومنها التفسير بالمعقول، والتفسير بالمأثور، ومنها تفسير القرآن كله، وتفسير جزء، وتفسير سورة، وتفسير آية، وتفسير آيات الأحكام، إلى غير ذلك.
أما علوم القرآن الأخرى ففي مقدمة المؤلفين فيها: علي بن المديني شيخ البخاري، إذ ألف في أسباب النزول، وأبو عبيد القاسم بن سلام إذ كتب في الناسخ والمنسوخ، وكلاهما من علماء القرن الثالث.
وفي مقدمة من ألف في غريب القرآن: أبو بكر السجستاني، وهو من علماء القرن الرابع. وفي طليعة من صنف في إعراب القرآن: علي بن سعيد الحوفي، وهو من علماء القرن الخامس، ومن أوائل من كتب في مبهمات القرآن: أبو القاسم عبد الرحمن المعروف بالسبيلي، وهو من علماء القرن السادس.
كذلك تصدى للتأليف في مجاز القرآن: ابن عبد السلام، وفي القراءات: علم الدين السخاوي، وهما من علماء القرن السابع.
وهكذا قويت العزائم، وتبارت الهمم، ونشأت علوم جديدة للقرآن.
وظهرت مؤلفات في كل نوع منها، سواء في ذلك أقسام القرآن، وأمثال القرآن،