ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن التفسير أربعة: حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تفسره العرب بألسنتها، وتفسير تفسره العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله. اه.
قال الزركشي في البرهان ما ملخصه:«هذا تقسيم صحيح».
- فأما الذي تعرفه العرب بألسنتها: فهو ما يرجع إلى لسانهم من اللغة والإعراب.
- وأما ما لا يعذر أحد بجهله: فهو ما تبادر إلى الأفهام معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام، ودلائل التوحيد، وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليّا يعلم أنه مراد الله تعالى، فهذا القسم لا يلتبس تأويله؛ إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [سورة محمد آية: ١٩]، أنه لا شريك له في
الألوهية، وإن لم يعلم أن «لا» موضوعة في اللغة للنفي، و «إلا» موضوعة للإثبات، وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر.
ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى «أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة» ونحوه إيجاب المأمور به، وإن لم يعلم أن صيغة «افعل» للوجوب.
- وأما ما لا يعلمه إلا الله تعالى: فهو ما يجري مجرى الغيوب، كالآيات التي تذكر فيها الساعة والروح، والحروف المقطعة، وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف، وبنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله.
- وأما ما يعلمه العلماء: فيرجع إلى اجتهادهم؛ فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل، وذلك استنباط الأحكام، وبيان المجمل، وتخصيص العموم، وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه اعتمادا على الدلائل والشواهد دون مجرد الرأي. اه المقصود منه، لكنه لم يلتزم فيه ترتيب الأقسام على ما روي عن ابن عباس، ولا ضير في ذلك مادام أنه قد استوعب عدتها الأربعة كما رأيت.
وقسم بعضهم التفسير باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام:
«تفسير بالرواية» ويسمى التفسير بالمأثور، و «تفسير بالدراية» ويسمى التفسير بالرأي، و «تفسير بالإشارة» ويسمى التفسير الإشاري، وسنتحدث عن كل واحد منها إن شاء الله.