يستحب الاستياك وتطهير فمه للقراءة باستياكه (استعمال السواك)، وتطهير بدنه بالطيب المستحب تكريما لحال التلاوة، لابسا من الثياب ما يتجمل به بين الناس، لكونه بالتلاوة بين يدي المنعم المتفضل بهذا الإيناس، فإن التالي للكلام، بمنزلة المكالم لصاحب الكلام وهذا غاية التشريف من فضل الكريم العلام، ويستحب أن يكون جالسا مستقبل القبلة. سئل سعيد بن المسيب عن حديث وهو متكئ، فاستوى جالسا وقال: أكره أن أحدث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأنا متكئ، وكلام الله تعالى أولى.
ويستحب أن يكون متوضئا، ويجوز للمحدث، قال إمام الحرمين وغيره: لا يقال إنها مكروهة فقد صح أنه صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ مع الحدث وعلى كل حال سوى الجنابة وفي معناها الحيض والنفاس، وللشافعي قول قديم في الحائض: تقرأ خوف النسيان. وقال أبو الليث: لا بأس أن يقرأ الجنب والحائض أقل من آية واحدة. قال:
وإذا أرادت الحائض التعلم فينبغي لها أن تلقن نصف آية، ثم تسكت ولا تقرأ آية واحدة بدفعة واحدة.
[التعوذ وقراءة البسملة عند التلاوة]
يستحب التعوذ قبل القراءة، فإن قطعها قطع ترك، وأراد العود جدد، وإن قطعها لعذر عازما على العود كفاه التعوذ الأول ما لم يطل الفصل، ولا بد من قراءة البسملة أول كل سورة تحرزا من مذهب الشافعي؛ وإلا كان قارئا بعض السور لا جميعها، فإن قرأ من أثنائها استحب له البسملة أيضا، نص عليه الشافعي رحمه الله فيما نقله العبادي.
[قراءة القرآن في المصحف أفضل أم عن ظهر قلب؟]
وهل القراءة في المصحف أفضل أم عن ظهر قلب، أم يختلف الحال؟ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها من المصحف أفضل؛ لأن النظر فيه عبادة، فيجتمع القرآن والنظر، وهذا قاله القاضي حسين والغزالي، قال: وعلة ذلك أنه يزيد النظر .. وتأمل المصحف وحمله، فيزيد في الأجر بسبب ذلك، وقد قيل: الختمة في المصحف بسبع، وذكر أن الأكثرين من الصحابة كانوا يقرءون في المصحف ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف.
ودخل بعض فقهاء مصر على الشافعي رحمه الله تعالى المسجد وبين يديه المصحف فقال: شغلكم الفقه عن القرآن؛ إني لأصلي العتمة، وأضع المصحف في يدي فما أطبقه حتى الصبح.