قال السيوطي في الإتقان: أفرده بالتصنيف خلائق منهم الخطابي والرماني والزملكاني والإمام الرازي وابن سراقة، والقاضي أبو بكر الباقلاني، قال ابن العربي:
ولم يصنف مثل كتابه (أي الباقلاني).
اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة.
وهي إما حسية وإما عقلية، وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم، وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر، كما قال صلّى الله عليه وسلم:«ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا» أخرجه البخاري. قيل إن معناه: أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم فلم يشاهدها إلا من حضرها، ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة في خرقه العادة بأسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر، من الأعصار، إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون مما يدل على صحة دعواه.
وقيل: المعنى أن المعجزات الواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح، وعصا موسى، ومعجزات القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر، لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده، والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا.
قال في فتح الباري: ويمكن نظم القولين في كلام واحد، فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضا، ولا خلاف بين العقلاء: أن كتاب الله تعالى معجز، لم يقدر أحد على معارضته بعد تحديهم بذلك.
قال تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [سورة التوبة آية: ٦]. فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجة إلا وهو معجزة.