زكريا النهرواني العلامة في العلوم: أن المولّدين فرّعوا قولهم: «وجادة» فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع، ولا إجازة، ولا مناولة، من تفريق العرب بين مصادر «وجد» للتمييز بين المعاني المختلفة يعني قولهم: «وجد ضالته وجدانا، ومطلوبه وجودا» وفي الغضب «موجدة» وفي الغنى «وجدا» وفي الحب «وجدا».
مثال الوجادة: أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم يلقه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها، فله أن يقول:«وجدت بخطّ فلان، أو قرأت بخطّ فلان، أو في كتاب فلان بخطّه: أخبرنا فلان بن فلان» ويذكر شيخه ويسوق سائر الإسناد والمتن معا، أو يقول:«وجدت أو قرأت بخط فلان عن فلان» ويذكر الذي حدثه ومن فوقه، هذا الذي استمر عليه العمل قديما وحديثا، وهو من باب المنقطع والمرسل غير أنه أخذ شوبا من الاتصال بقوله:«وجدت بخط فلان» اه. ابن الصلاح باختصار وتصرف.
معرفة المصحّف من أسانيد الأحاديث ومتونها
هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذّاق من الحفاظ. والدارقطني منهم، وله فيه تصنيف مفيد، وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال: «ومن يعرى (يخلو) من الخطأ والتصحيف؟!».
فمثال التصحيف في الإسناد: حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي، عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لتؤدّنّ الحقوق إلى أهلها ..
الحديث» صحف فيه يحيى بن معين فقال: «ابن مزاحم» بالزاي والحاء فردّ عليه، وإنما هو «ابن مراجم» بالراء المهملة والجيم.
ومنه ما رويناه عن أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن مالك بن عرفطة، عن عبد خير، عن عائشة «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت» قال أحمد: «صحف شعبة فيه وإنما هو خالد بن علقمة» وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد.
وبلغنا عن الدارقطني أن ابن جرير الطبري قال فيمن روى عن النبي صلّى الله عليه وسلم من بني سليم «ومنهم عتبة بن البذر» قاله بالباء والذال المعجمة، وروى له حديثا، وإنما هو «ابن الندر» بالنون والدال غير المعجمة.
ومثال التصحيف في المتن: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده