الحديث القدسي: هو الذي يرويه النبي صلّى الله عليه وسلم، على أنه من كلام الله تعالى، فالرسول ناقل لهذا الكلام، راو له ولكن بلفظ من عنده هو، يتبدى ذلك صريحا فيما ينقل الرواة في آخر سند الحديث. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قال الله تعالى، أو قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزّ وجل. ويطلق بعض العلماء على الأحاديث القدسية اسم «الأحاديث الإلهية» و «الأحاديث الربانية».
والقدسي: نسبة إلى القدس وهي نسبة تكريم وإجلال؛ لأنها نسبة إلى الطهارة والتنزيه، فالقدس والتقديس لغة: تنزيه الله تعالى، والتقديس: التطهير والتبريك، وتقدّس: تطهّر، ومنه: البيت المقدّس؛ لأنه يتقدس فيه من الذنوب، وفي القرآن الكريم على لسان الملائكة: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [سورة البقرة آية: ٣٠].
قال الزجّاج: معنى وَنُقَدِّسُ لَكَ أي نطهّر أنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أطاعك، نقدسه: أي نطهره. ويقول ابن الأثير: ومنه الحديث: «لا قدّست أمّة لا يؤخذ لضعيفها من قويّها»، أي لا طهّرت.
وأما عن روايتها: فقد لوحظ أن لروايتها صيغتين:
إحداهما: أن يقول الراوي: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزّ وجل.
والثانية: أن يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قال الله تعالى، أو يقول الله تعالى: والمعنى واحد، إلا أنّ العبارة الأولى هي عبارة السلف، ومن أجل ذلك آثرها الإمام النووي رحمه الله.
[الفرق بين القرآن والحديث القدسي:]
إذا نظرنا إلى ماهية الحديث القدسي، وإلى خصائص القرآن وجدنا أن هنالك فروقا كثيرة بينهما. من هذه الفروق:
١ - أن القرآن الكريم موحى به، إلقاء على لسان الملك جبريل عليه السّلام بلفظه ومعناه.
٢ - أن القرآن هو لفظ معجز وقف العرب- على بلاغتهم وفصاحتهم- لا يقوون على معارضته أو الإتيان ولو بسورة من مثله، وقفوا عاجزين عن المعارضة، بعد أن تحداهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو معجزة باقية على مرّ الأزمنة والعصور، ووجوه إعجازه