هو العلامة أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الفقيه الشافعي، كان إماما في التفسير والحديث، له التصانيف المفيدة، ومنها: معالم التنزيل، أتى فيه بالمأثور، ولكن مجردا عن الأسانيد.
تفسير بقيّ بن مخلد:
ذكر الإمام السيوطي في طبقات المفسرين أن بقي بن مخلد بن يزيد بن عبد الرحمن الأندلسي القرطبي، أحد الأعلام وصاحب التفسير والسند، أخذ عن يحيى بن يحيى الليثي ورحل إلى المشرق، ولقي الكبار بالحجاز ومصر وبغداد، وسمع من أحمد بن حنبل، وسمع بالكوفة أبا بكر بن أبي شيبة، وسمع بمصر يحيى بن بكير، وسمع بالحجاز أبا مصعب الزهري، وسمع بدمشق هشام بن عمار، وشيوخه مائتان وأربعة وثمانون رجلا، وكان إماما زاهدا صوّاما صادقا مجاب الدعوة، قليل المثل، بحرا في العلم، مجتهدا لا يقلد أحدا، عني بالأثر، وليس لأحد مثل سنده في الحديث ولا في التفسير.
قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلّف في الإسلام مثل تفسيره، لا تفسير ابن جرير ولا غيره، ولد سنة (٢٠٤ هـ) وتفسيره الموصوف بما ترى يؤسفنا أنه لم يكتب له البقاء، ولم يظفر بما ظفر به تفسير ابن جرير من هذا الخلود.
[طرق المفسرين بعد العصر الأول:]
ثم إن كتب التفسير بالمأثور موسوعات كبيرة، لا نستطيع الإحاطة بها ولا بأسماء جميع مؤلفيها، ولا بطريقة كل مؤلف فيها، غير أنا نستطيع أن نجمل القول في طرق المفسرين بعد العصر الأول فنقول:
بعد عصر الأولين الذين ألفوا في التفسير بالمأثور، والتزموا ذكر السند بجملته، جاء قوم صنفوا في التفسير، واختصروا الأسانيد، ولم ينسبوا الأقوال لقائليها، والتبس بذلك الصحيح وغيره، وصار الناظر في تلك الكتب يظنها كلها صحيحة، بينما هي مفعمة بالقصص وبالإسرائيليات على وجه لا تمييز فيه كأنها كلها حقائق، ومن هنا استهدفت رواياتهم للتجريح والطعن، ولولا ما يقوم به المحققون في كل عصر من إحقاق الحق ودحض الباطل؛ لا نطمست المعالم، واختلط الحابل بالنابل، ولكان ذلك مثار مطاعن توجه بلا حساب إلى الإسلام والمسلمين.
فقد ذكروا في قصص الأنبياء، وفي بدء الخليقة، والزلازل، ويأجوج ومأجوج،