لكنه تجب الحيطة فيما عزي إلى ابن عباس من التفسير؛ فقد كثر عليه فيه الدسّ والوضع كما سيأتي.
وكذلك أبيّ بن كعب بن قيس الأنصاري أحد كتّاب الوحي، فقد كان رضي الله عنه من المكثرين في التفسير، المبرزين فيه، كما اشتهر في القراءة وبرز فيها، روى له في التفسير أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب وإسناده صحيح.
وأما الباقي من العشرة، وهم: زيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير، فمع شهرتهم في التفسير كانوا أقل من الأربعة الذين قبلهم.
وقد ورد عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء العشرة شيء من التفسير، بيد أنه قليل، منهم أنس، وأبو هريرة، وابن عمر، وجابر، وعمرو بن العاص، وعائشة- أم المؤمنين- رضي الله عنهم أجمعين.
[تفسير ابن عباس الرواية عنه واختلاف الرواة فيها]
أكثر الصحابة تفسيرا ابن عباس ذلك لما عرفت من أنه ترجمان القرآن، ولتأخر الزمان به حتى اشتدت حاجة الناس إلى الأخذ عنه بعد اتساع الإسلام واتساع العمران، ولانقطاعه وتفرغه للنشر والدعوة والتعليم، دون أن تشغله خلافة أو تصرف في سياسة وتدبير لشئون الرعية، غير أن الرواية عنه مختلفة الدرجات.
قال السيوطي في الإتقان:«ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة بروايات وطرق مختلفة، فمن جيّدها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه».
قال أحمد بن حنبل:«بمصر صحيفة في التفسير رواها عليّ بن أبي طلحة، لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا»[أسنده أبو جعفر النحاس].
قال ابن حجر: وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، وقد اعتمد عليها البخاري في صحيحه كثيرا فيما يعلّق عن ابن عباس.
وقال قوم: لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير، ثم قال ابن حجر: بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة، فلا ضير في ذلك. اه.
وأخرج منها ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن المنذر كثيرا، ولكن بوسائط