وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يقرأ في كل يوم سبعا من القرآن لا يتركه نظرا.
وعن الأوزاعي كان يعجبهم النظر في المصحف بعد القراءة هنيهة.
قال بعضهم: وينبغي لمن كان عنده مصحف أن يقرأ فيه كل يوم آيات يسيرة ولا يتركه مهجورا.
والقول الثاني: أن القراءة عن ظهر قلب أفضل، واختاره أبو محمد بن عبد السلام.
فقال في أماليه: قيل القراءة في المصحف أفضل، لأنه يجمع فعل الجارحتين، وهما اللسان والعين، والأجر على قدر المشقة، وهذا باطل؛ لأن المقصود من القراءة التدبر لقوله تعالى: لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [سورة ص آية: ٢٩]، والعادة تشهد أن النظر في المصحف يخل بهذا المقصود فكان مرجوحا.
والثالث: واختاره النووي في الأذكار: إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب أكثر مما يحصل له من المصحف فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل، قال: وهو مراد السلف.
[حكم خلط سورة بسورة]
عدّ الحليمي من الآداب ترك خلط سورة بسورة، وذكر الحديث الآتي:
قال البيهقي: وأحسن ما يحتج به أن يقال: إن هذا التأليف لكتاب الله مأخوذ من جهة النبي صلّى الله عليه وسلم وأخذه عن جبريل، فالأولى بالقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول المجتمع عليه؛ وقد قال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم. ونقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية من كل سورة. وقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مر بأبي بكر وهو يقرأ: يخفض صوته، وبعمر يجهر بصوته، وذكر الحديث، وفيه فقال:«وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة». فقال: كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض؛ فقال:«كلكم قد أصاب».
وفي رواية لأبي عبيد في «فضائل القرآن» قال بلال: «أخلط الطيب بالطيب»، فقال له:«اقرأ السورة على وجهها» أو قال: على نحوها- وهذه زيادة مليحة- وفي رواية:«إذا قرأت السورة فأنفذها». أي لا تخلط سورة بسورة.
وروي عن خالد بن الوليد أنه أمّ الناس فقرأ من سور شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: شغلني الجهاد عن تعلم القرآن.
وروي المنع عن ابن سيرين ثم قال أبو عبيد: الأمر عندنا على الكراهة في قراءة هذه