قال: وإذا عزوته إلى النبي صلّى الله عليه وسلم من غير إسناد فلا تقل: «قال صلّى الله عليه وسلم كذا»، وما أشبه ذلك من الألفاظ الجازمة، بل بصيغة التمريض، وكذا فيما يشكّ في صحته أيضا. بحيث لا يعلم حاله، أصحيح أم ضعيف، كأن يقول:«روي عنه كذا». أو «بلغنا كذا».
وإذا تيقن ضعفه وجب عليه أن يبين أن الحديث ضعيف، لئلا يغتر به القارئ أو السامع، ولا يجوز للناقل أن يذكره بصيغة الجزم؛ لأنه يوهم غيره أن الحديث صحيح، خصوصا إذا كان الناقل من علماء الحديث، الذين يثق الناس بنقلهم، ويظنون أنهم لا ينسبون إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم شيئا لم يجزموا بصحة نسبته إليه. وقد وقع في هذا الخطأ كثير من المؤلفين، رحمهم الله وتجاوز عنهم.
وقد أجاز بعضهم رواية الضعيف من غير بيان ضعفه بشروط:
أولا: أن يكون الحديث في القصص أو المواعظ أو فضائل الأعمال أو نحو ذلك، مما لا يتعلق بصفات الله تعالى، وما يجوز له ويستحيل عليه سبحانه، ولا بتفسير القرآن، ولا بالأحكام، كالحلال والحرام.
ثانيا: أن يكون الضعف فيه غير شديد، فيخرج من انفراد، من الكذابين، والمتهمين بالكذب، والذين فحش غلطهم في الرواية.
ثالثا: أن يندرج تحت أصل معمول به.
رابعا: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط.
قال أحمد شاكر: والذي أراه: أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب في كل حال؛ لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح. وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، من حديث صحيح أو حسن.
وأما ما قاله أحمد بن حنبل، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك:«إذا روينا في الحلال والحرام شدّدنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا»؛ فإنما يريدون به- فيما أرجّح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة، فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقرّا واضحا بل كأنّ أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو الضعف فقط. اه من الباعث وشرحه.