للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ [سورة التوبة آية: ٣٢].

فواجب النصح لإخواننا المسلمين يقتضينا أن نحذّرهم الوقوع في هذه الشباك، ونشير عليهم أن ينفضوا أيديهم من أمثال تلك التفاسير الإشارية الملتوية، ولا يعولوا على أشباهها مما ورد في كلام القوم بالكتب الصوفية؛ لأنها كلها أذواق ومواجيد خارجة عن حدود الضبط والتقييد. وكثيرا ما يختلط فيها الخيال بالحقيقة والحق بالباطل، وإذ تجردت من ذلك فقلما يظهر منها مراد القائل، وإذا ظهر فقد يكون من الكفريات الفاحشة، التي نستبعد صدورها من العلماء والمتصوفة، بل من صادقي عامة المسلمين، والتي نرى أن الطعن فيها بالدس والوضع أقرب وأسلم من الطعن فيمن عزيت إليه بالكفر والفسق.

إن أسوأ ما في هذه الكتب: أنها توهم الضعفاء في فهم الشريعة والجاهلين بها أن ما فيها هو الحقيقة التي وصلت إليها قلوب العابدين أو المفتونين، والحقيقة أن هذه العلوم طمس للحقيقة التي أنزلها الله تعالى وبينها وشرحها رسوله صلّى الله عليه وسلم، وما هذه الشطحات إلا نوع من الخبل يراد منه صرف الناس عن الحقائق الإلهية التي جاءت في الكتاب والسنة؛ فأحيت أمة، وأقامت للإسلام دولة، وأعزت شعوبا كانت مغمورة، وحررت إنسانية كانت مستعبدة لشياطين الإنس والجن، وشادت للإنسانية صروحا من العلوم والفنون؛ قامت على أصول ربانية، وأعمدة نورانية، تحت مظلة من السعادة والسيادة التي لم ير العالم مثيلا لها. اه.

فالأحرى بالفطن العاقل، أن ينأى بنفسه عن هذه المزالق، وأن يفر بدينه من هذه الشبهات، وأمامه في الكتاب والسنة وشروحهما على قوانين الشريعة واللغة رياض وجنات أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [سورة البقرة آية: ٦١]؟!

قال صلّى الله عليه وسلم: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».

وقال صلّى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

وبالله تعالى توفيقي وتوفيقك. نسأل الله تعالى أن يخرجنا من ظلمات الأوهام، وأن يحققنا بحقائق الدين وتعاليم الإسلام آمين. اه «١».


(١) من المناهل بتصرف قليل.

<<  <   >  >>