«من مسّ ذكره، أو أنثييه، أو رفغيه، فليتوضأ» قال الدارقطني: كذا رواه عبد الحميد عن هشام، ووهم في ذكر الأنثيين والرفغين، وأدرجه كذلك في حديث بسرة، والمحفوظ أن ذلك قول عروة، وكذا رواه الثقات عن هشام، منهم: أيوب، وحماد ابن زيد وغيرهما، ثم رواه من طريق أيوب بلفظ: «من مس ذكره فليتوضأ» قال: وكان عروة يقول: إذا مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ. وكذا قال الخطيب. فعروة لما فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة، جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك.
فقال ذلك، فظن بعض الرواة أنه من صلب الخبر، فنقله مدرجا فيه، وفهم الآخرون حقيقة الحال ففصلوا. قاله في التدريب.
وقد يكون الإدراج في الوسط على سبيل التفسير من الراوي لكلمة من الغريب. مثل:
حديث عائشة في بدء الوحي في البخاري وغيره: كان النبي صلّى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء- وهو التعبد الليالي ذوات العدد- فهذ التفسير من قول الزهري أدرج في الحديث.
وكذا حديث فضالة مرفوعا عند النسائي: «أنا زعيم- والزعيم الحميل- لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة» فقوله «والزعيم الحميل» مدرج من تفسير ابن وهب.
ومثال في آخر الحديث: ما رواه أبو داود من طريق زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن ابن مسعود: حديث التشهد، وفي آخره:
«إذا قلت هذا، أو قضيت هذا، فقد قضيت صلاتك، وإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد». فهذه الجملة وصلها زهير بالحديث المرفوع، وهي مدرجة من كلام ابن مسعود، كما نص عليه الحاكم والبيهقي والخطيب.
ونقل النووي في الخلاصة اتفاق الحفاظ على أنها مدرجة- ومن الدليل على إدراجها:
أن حسينا الجعفي وابن عجلان وغيرهما رووا الحديث عن الحسن بن الحر بدون ذكرها، وكذلك كل من روى التشهد عن علقمة أو غيره عن ابن مسعود، وأن شبابة بن سوار، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- وهما ثقتان- رويا الحديث عن الحسن بن الحر، ورويا فيه هذه الجملة، وفصلاها منه وبينا أنها من كلام ابن مسعود. فهذا
التفصيل والبيان- مع اتفاق سائر الرواة على حذفها من المرفوع-: يؤيدان أنها مدرجة وأن زهيرا وهم في روايته.
مثال آخر: في الصحيح عن أبي هريرة مرفوعا: «للعبد المملوك أجران». والذي نفسي بيده لولا الجهاد والحج وبرّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك.
فهذا مما يتبين فيه بداهة أن قوله: والذي نفسي بيده ... إلخ مدرج من قول أبي