الْمدرسَة الصالحية
هِيَ تربة أم الْملك الصَّالح غربي الطّيبَة والجوهرية الْحَنَفِيَّة وقبلي الشامية الجوانية إِلَى الشرق وَقد وقفت على مَحل رسومها فخفيت وناديت أطلالها فَلم تجب إِلَّا بقول الصّلاح الصَّفَدِي مُخَاطبَة لبانيها
(تحكمت بعدكم أَيدي النَّوَى فِينَا ... وَقد أَقَامَت بنادينا تنادينا)
(وجرعتنا كؤوس الْحزن مترعة ... مزاجها كَانَ زقوما وغسلينا)
(وَقد أناخت بِنَا من بعدكم محن ... عدت علينا بِمَا يُرْضِي أعادينا)
تَرْجَمَة واقفها
أوقفها الصَّالح أَبُو الْحسن إِسْمَاعِيل ابْن الْملك الْعَادِل سيف الدّين أبي بكر
قَالَ ابْن كثير فِي تَارِيخه وَكَانَ ملكا عادلا عقلا حازما تقلبت بِهِ الْأَحْوَال أطوارا كَثِيرَة وَقد كَانَ الْملك الْأَشْرَف مُوسَى أوصى لَهُ بِدِمَشْق بعده فملكها شهورا ثمَّ انتزعها مِنْهُ أَخُوهُ الْكَامِل ثمَّ ملكهَا ابْنه الصَّالح خديعة ومكرا فاستمر بهَا أَربع سِنِين ثمَّ استعادها مِنْهُ الصَّالح أَيُّوب عَام الخورازمية سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة واستمرت بِيَدِهِ بعلبك وَبصرى ثمَّ أخذتا مِنْهُ وَلم يبْق لَهُ بلد يأوى إِلَيْهِ فلجأ إِلَى حلب مجاورا للناصر يُوسُف ثمَّ انه فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة سَافر إِلَى الديار المصرية فَلَا يدرى مَا فعل الله بِهِ وَهُوَ وَاقِف التربة والمدرسة وَدَار الحَدِيث والإقراء بِدِمَشْق وَلم نطل الْكَلَام على تراجم هَؤُلَاءِ لَان محلهَا الْقسم الأول من هَذَا التَّارِيخ وَسَيَأْتِي لَهَا فِي هَذَا الْقسم زِيَادَة بَيَان
وَقد درس بِهَذِهِ الْمدرسَة نجم الدّين احْمَد ابْن الْمَقْدِسِي ثمَّ شهَاب الدّين ابْن الْمجد ثمَّ بعده سَبْعَة مدرسين كل وَاحِد مِنْهُم فِي وَقت أَوْقَات أخرهم على مَا قَالَه العلموي تَاج الدّين الزُّهْرِيّ وَأما مشيخة الإقراء بهَا فوليها علم الدّين أَبُو الْفَتْح عَليّ بن مُحَمَّد ابْن عبد الصَّمد الهمذاني السخاوي الْمصْرِيّ شيخ الْقُرَّاء والنحاة وَالْفُقَهَاء فِي زَمَنه بِدِمَشْق ولد سنة ثَمَان أَو تسع وَخمسين وَخَمْسمِائة
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي العبر سمع المترجم من السلَفِي وَجَمَاعَة وَقَرَأَ الْقرَاءَات على الشاطبي وَغَيره من الْمَشَاهِير وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْأَدَب والإقراء بِدِمَشْق وَقَرَأَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute